Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 6-6)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم بيَّن الغاية في إرسال الرسل ، وتنزيلِ الكتاب بقوله : { لِتُنذِرَ } : بهذا القرآن ، وتُعَلِّمَ بهذا الكتابَ والحكمة . { قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ } : الأقدمونَ ، وأشياخُهم الماضون بهذه المعارف الغامضة ، الأبيّة ، والمقاصد الشريفة الإلهية ، خصوصاً علم المعاد ، وبعض أحوال المبدء مما لا تستقل به العقول ، ولا يدركُه أحدٌ إلا بمتابعة أهل بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . { فَهُمْ غَافِلُونَ } [ 6 ] : عمَّا وراءَ طَوْرِ العقل ، كما يغفل سائر عوامِّ الناس وأصحاب الحواس ، عما يدركه الأكياسُ بدقة عقولهم ، من غير استيناس بالقرآن ولا اقتباس . وقوله : { قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ } صفة وموصوف ، من باب وصف الشيء بحال متعلقه ، اي " قوماً غير منذر آباؤهم " على نحو قوله : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ } [ القصص : 46 ] . والمعنى - والله أعلم - أن الاديان والعلوم لم تكن في الازمنة الماضية والامم السابقة ، بهذه المثابة ، من التمامية والكمال ، والتقديس عن النقص والشر والوبال ، كما في قوله تعالى : { كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 151 ] . وعن قتادة : لانهم كانوا في زمان الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام . وعن الحسن : لم يأتهم نذير من أنفسهم وقومهم وان جاءهم من غيرهم . وقيل : معناه : لم يأتهم مَن أنذَرَهُم بالكتاب حسب ما أتيت ، وهذا على قول من قال : كان في العرب قبل نبينا صلى الله عليه وآله من هو نبي كخالد بن سنان ، وقس بن ساعدة ، وهذا الوجه قريب مما ذكرناه أوّلاً ، فافهم . ومنهم من جعل " ما " مصدرية ، او موصولة منصوبة على المفعولية الثانوية ، فيكون الكلام على هذين الوجهين ، لإثبات الإنذار السابق لا لِنَفْيِه ، أي : لتنذر قوماً انذارَ آبائهم . او : لتنذر قوماً ما انذر آباؤهم من العذاب وغيره ، فقوله : " فهم " متعلق على الاول بالنفي ، يعني : عدم الانذار منشأ غفلتهم وذهولهم . وعلى الثاني ، متعلق بالانذار ، من باب تعلق السبب المستدعي لشيء به ، كما تقول : عِظْ فلاناً فإنه غافل ، أو : فهو غافل .