Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 76-76)
Tafsir: at-Tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرئ " فلا يحزنك " - بفتح الياء - من " حزنه " وبضمها من " أحزنه " . وقرئ " أنّا " - بفتح الهمزة - ولا ضير فيه كما توهم ، لأنه إما على حذف لام التعليل ، وهو شائع في القرآن والحديث ، وقياس مُطّرد في الكلام دائر على ألسنة الفصحاء ، وعلى هذا يكون معناه ومعنى " أنا " - بالكسر - واحداً ، وكذلك في التلبية من قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الحمد والنعمة لك " روى بعضهم الكسر في " ان " وبعضهم الفتح فيها ، والمعنى لا يتغير ، لأن كلاهما تعليل ، وإما على أن يكون بدلاً من : " قولهم " كأنه قيل : " فلا يحزنك أنا نعلم ما يُسِرون ما يعلنون " ، وهذا المعنى محتمل مع الكسر أيضاً إذ جعلت الجملة مفعولة للقول . وعلى أي الوجهين - من الكسر والفتح - فالمعنى المختار ؛ هو أنه لا يحزنك قولهم ، ولا يهمك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم ، فإنّا عالمون بما يُسِرون من عداوتهم وما يُعلنون من انكارهم ، فنحن مجازون إياهم عليهما ، فحق مثلك أن يتسلى بهذا الوعيد لأعدائه ، ويستحضر في نفسه صورة حاله في الدنيا وحالهم في الآخرة حتى ترتفع عنه الهموم ، أو يتصور صورة حاله في الآخرة وحالهم في الدنيا كيلا ترهقه الأحزان . فتعلق الحزن بكون الله عالماً وعدم تعلقه لا يدوران على كسر " ان " وفتحها كما توهم ، وإنما يدوران على التقدير ، فإن فتحت " أن " فتقدر معنى التعليل ولا تقدر البدل ، وإذا كسرتها فتقدر التعليل ولا تقدر المفعولية ، حتى تنجو من المعنى المعطى للكفر باعتقادك ، على أن نهي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الحزن على كونه تعالى عالماً بسرهم وعلانيتهم ، ليس مما يوجب شيئاً نكراً ، ولكن من قبيل قوله : { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } [ القصص : 86 ] { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ يونس : 105 ] { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } [ القصص : 88 ] .