Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 56-67)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وكذلك مكنا ليوسف } ثم بيَّن تعالى أنه لما تمكن يوسف بمصر وأضار الناس الجوع وقصدوا مصر فنزل بآل يعقوب ما نزل بالناس ، فأرسل يعقوب بنيه إلى مصر وهم عشرة لأنه أمسك عنده بنيامين { فعرفهم وهم له منكرون } ، قيل : أنكروه لطول ما يعهد لأن ما بين الوقت الذي فارقوه وبين وقت دخولهم عليه أربعين سنة ، وقيل : إنه تزيّا زينة الملك جالساً على السرير وفي عنقه طوق من ذهب ، وقيل : كان بينه وبينهم ستراً { ولما جهزهم بجهازهم } أي أصلحهم بعدتهم وهي عدة السفر من الزاد وما يحتاج إليه المسافرون { قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم } لا بد من مقدمة ، روي أنه لما رآهم وكلمهم قال لهم : أخبروني من أنتم وما شأنكم ؟ قالوا : نحن قوم من أهل الشام ، أصابنا الجهد فجئنا نمتار ، قال : لعلكم عيونا تنظرون عورات بلادي ، قالوا : معاذ الله نحن أخوة بنو أب واحد وهو شيخ صدِّيق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب ، قال : كم أنتم . قالوا : كنا اثني عشر فهلك منا واحد ، قال : فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأن الذي تقولون حق ؟ قالوا : ما نعرف أحداً ، قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة وأتوني باخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم ، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأياً في يوسف ، فخلفوه عنده ، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم ، وقوله : { فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون } يعني داري ولا بلادي { قالوا سنراود عنه } الآية { وقال يوسف لفتيانه اجعلوا } أي عبيده وغلمانه اجعلوا { بضاعتهم } أي ثمن طعامهم وما كانوا جاؤوا به . { في رحالهم } وفي أوعيتهم { لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون } وروي أنها كانت بضاعتهم النعال والأدم ، قيل : لم يرض الكريم أن يأخذ من أبيه وأخوته ثمناً ، وقيل : علم أن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعوا لأجلها ، وقيل : معناه لعلهم يرجعون لعلهم يردونها { فلما رجعوا إلى أبيهم } وفيه إضمار تقديره لما رجعوا من مصر إلى يعقوب { قالوا يا أبانا منع منا الكيل } يعني لما رجعوا إلى يعقوب ، قالوا : قدمنا على خير رجل أكرمنا كرامة لو كان من ذلك يعقوب ما أكرمنا مثله ، ثم قال : أين شمعون ؟ قالوا : ارتهنه ملك مصر ، وأخبروه بالقصة فقال : ولم أخبرتموه ؟ قالوا : قال : إنكم جواسيس ، وقصّوا القصة ، وقالوا : يا أبانا منع منا الكيل إن لم نأت بأخينا لقوله : { فلا كيل لكم عندي ولا تقربون } { فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون } { قال هل آمنكم عليه } الآية يعني حفظ الله بنيامين خير من حفظكم { ولما فتحوا متاعهم } يعني ما حملوه من مصر ، وقيل : أوعية الطعام { وجدوا بضاعتهم ردت اليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا } يعني أي شيء نطلب وراء هذا أوفى لنا الكيل وردّ علينا الثمن وأرادوا أن تطيب نفس يعقوب فيبعث بابنه معهم ، وقوله : { ونمير أهلنا } أي نطلب الميرة { ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير } أي نزداد مع أحمالنا حمل بعير لأجله { ذلك كيل يسير } اي ذلك مكيل قليل لا يكفينا ، يعني ما يكال لهم فأرادوا أن يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم ، وقيل : ذلك كيل يسير أي ذلك الكيل شيء يسير عند الملك ، سهل عليه لا يتعاظمه ، وقيل : هو من كلام يعقوب وإن حمل بعير واحد شيء يسير لا يخاطر لمثله بالولد ، ولما رأى يعقوب ( عليه السلام ) ردّ البضاعة وتحقق إكرام الملك لهم عزم على إرسال ابنه معهم { قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله } أي تعطون ما أثق به من يمين أو غيرها من الله ، أي بإشهاد الله تعالى والقسم بالله وعهده ، وقيل : تحلفون لي بخاتم النبيين وسيد المرسلين محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { لتأتنّني به إلاَّ أن يحاط بكم } أي إلاّ أن تهلكوا جميعاً { فلما آتوه موثقهم } أعطوه عهدهم ويمينهم { قال الله على ما نقول وكيل } أي شاهد وحافظ بالوفاء وكيل كفيل ، وقيل : لما قال يعقوب { فالله خير حافظاً } { والله على ما نقول وكيل } قال الله تعالى : وعزتي وجلالي لأردّن عليك كلاهما بعد ما توكلت علي { وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } ولما عزم يعقوب ( عليه السلام ) على إرسال ابنه معهم أوصاهم كيف يدخلون مصر ، فقال سبحانه حاكياً عنه : { يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } ، قيل : خاف عليهم العين لأنهم كانوا ذا جمال وهيئة وكمال وهم أخوة ولد رجل واحد ، وقيل : خاف عليهم حسد الناس وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم ، فيحبسهم عنده أو يقتلهم خوفاً على ملكه { وما أغني عنكم من الله من شيء } يعني ان ما يريد الله بكم لا ينفع فيه الاحتياط ، ومنه قيل : إذا جاء القدر لم ينفع الحذر { إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون } أي فوضت أمري إليه وكذلك يفعل من توكل عليه .