Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 14-18)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ له دعوة الحق } وهي كلمة الاخلاص شهادة أن لا إله إلا الله { والذين يدعون من دونه } أي تعبدون من دون الله لأنكم دعوتم الأوثان أرباباً { لا يستجيبون لهم بشيء } أي لا يجيبكم بشيء مما تدعون { إلاَّ كباسط كفّيه إلى الماء } استثناء من الإِجابة ، يعني الاستجابة كإجابة باسط كفيه إلى الماء يطلب منه أن يبلغ فاه ، والماء جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه ولا حاجته إليه ، ولا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه ، وكذلك ما يدعونه جماد لا يُحس بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم ولا يقدر على نفعهم ، وقيل : كعطشان على سقاية ولا دلو معه يمد يده إلى البئر فلا يبلغ الماء ولا يرتفع الماء اليه ، كذلك الأوثان لا يجيبونهم ولا ينفعونهم عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) { وما دعاء الكافرين إلاَّ في ضلال } أي هلاك { ولله يسجد } أي ينقاد لإحداث ما أراد من أفعاله شاؤوا أم أبوا { من في السماوات والأرض } لا يقدرون أن يمتنعوا عليه ، وتنقاد له أيضاً { ظلالهم } حيث يتصرف على مشيئته في الامتداد ، وقيل : سجود الملائكة والمؤمنين { طوعاً وكرهاً } من أكره على الايمان ، وقيل : هم المنافقون والكافرون ، وقيل : المراد بالسجود قهر الله الأشياء لما أراد ، وإن لم يسجدوا سجود عبادة ، وقد قيل : كل شيء من كل جنس يسجد لله ، وقيل : سجوده دلالة على الوحدانية وظل الكافر يسجد طوعاً وهو كاره وظل المؤمن يسجد طوعاً وهو مطيع روي ذلك في الغرائب { بالغدو والآصال } قيل : بالغدوة والعشي وهو بين العصر والمغرب { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { من رب السماوات والأرض } يعني خالقهما ومدبرهما فلا يمكنهم أن يقولوا الأصنام فقل أنت هو الله { قل أفاتخذتم من دونه أولياء } ، قيل : أرباباً { لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً } فكيف ينتفع غيرها { قل هل يستوي الأعمى والبصير } كذلك لا يستوي المؤمن والكافر { أم هل تستوي الظلمات والنور } أي لا تستوي ظلمات الجهل ونور العلم والهدى { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم } يعني هذه الأصنام قد خلقوا مثل خلق الله فتشابه عليهم خلق الله وخلقهم فدل على أنه المستحق للعبادة دونها لأنهم لم يخلقوا شيئاً ، قوله تعالى : { أنزل من السماء } ثم ضرب سبحانه مثلين : الحق والباطل ، أحدهما الماء وما يعلوه من الزبد ، والثاني ما يوعد عليه في النار من الذهب والفضة وما يعلوه من الزبد ، فقال سبحانه : أنزل من السماء وهو يعود إلى ما قبله من السماء يعني من السحاب ، وقيل : من جانب السماء ، وقيل : من سماء الملائكة { ماءً } مطراً { فسالت أودية } جمع واد وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة فسالت أي جرت بمعنى جرى الماء في الأودية { بقدرها } يعني بقدر الأودية في الكبر والصغر { فاحتمل السيل } يعني الماء الذي سال في الوادي { زبداً } وهو الخشب الذي يعلوه { رابياً } أي عالياً عليه مرتفعاً فوق الماء فشبه الحق والاسلام بالماء الصافي النافع للخلق والباطل بالزبد الذاهب { ومما يوقدون عليه في النار } وهو الذهب والفضة والرصاص زبد مثله مثل زبد السيل فمثل الحق والقرآن كمثل الصافي من هذه لأنه ينتفع به ، ومثل الباطل كمثل الزبد { ابتغاء حلية } يريد ما يتخذ من الذهب والفضة كحلية السيف والدواة والمركب وحلية النساء { أو متاع } يريد ما يتخذ من النحاس والرصاص والصفر والحديد من الأواني وغيرها { زبد مثله } يريد أن هذه إذا غليت بالنار تزبد كما يزبد الماء { كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد } الذي على السيل والجواهر { فيذهب جفاءً } باطلاً ذاهباً متفرقاً بحيث لا ينتفع به وهو ما جفاه الوادي أي رمى به { وأما ما ينفع } الناس { فيمكث في الأرض } وهو الماء الصافي ينتفع به الناس كذلك الحق يثبت وينتفع به صاحبه والباطل يذهب باطلاً { كذلك يضرب الله الأمثال } يعني يبين الحق والباطل ، قيل : تمام الكلام عند قوله الأمثال ثم استأنف الكلام بقوله تعالى : { للذين استجابوا } ، وقيل : بل متصل بما قبله لأنه قال الذي هو مثل المستجيب فالذي يذهب جُفاء مثل من لا يستجيب ، وقوله : { للذين استجابوا لربهم } أي أجابوا دعوة الله وآمنوا به وأطاعوه { الحسنى } قيل : الجنة { والذين لم يستجيبوا له } ولم يؤمنوا له { لافتدوا به } أي لجعلوا ذلك بدل أنفسهم فداء من العذاب ولا يقبل ذلك منهم { أولئك لهم سوء الحساب } يعني يؤاخذون بالذنوب صغيرها وكبيرها ولا يغفر لهم شيء { ومأواهم جهنم وبئس المهاد } أي بئس الفراش والمصير .