Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 21-50)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإن من شيء } ، قيل : من المطر ، وقيل : ما من شيء مما جعله معاشاً ورزقاً { إلا عندنا خزائنه } يعني وما من شيء ينتفع به العباد إلاَّ ونحن قادرون على اتخاذه خزائن الله مقدوراته ، وقيل : لفظ الخزائن مستعارة ، والمراد أن الخير كله من الله تعالى { وما ننزله } الماء من السماء { إلاَّ بقدر معلوم } بحسب المصلحة وعن ابن مسعود ( رضي الله عنه ) : ليس بأرض بأمطر من أرض ، ولا عام بأمطر من عام ، ولكن الله يقسمه في الأرض كيف يشاء عاماً ها هنا وعاماً ها هنا ، وربما كان في البحر { وأرسلنا الرياح لواقح } والارسال الإِطلاق ، وقيل : أخرجنا الرياح وهي أربع ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الرياح الجنوب فهي من الجنة وهي اللواقح " يقال : لقحت الناقة إذا حملت ، يعني الرياح لاقح إذا جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر ، قال القاضي : والأقرب أن هذه الرياح يرسلها تعالى حوامل للماء لأن الرياح إذا تراكب واختلط بها غيرها صار سحاباً ، وقيل : اللواقح هي الجنوب عن ابن عباس وأبي علي ، وقيل : الحوامل السحاب جمع لاقحة والباني ذات لقح ، وقيل : بمعنى ملقحة لأنها تلقح الأشجار وهي ضد العقيم وهي الشمال ، ومن قرأها بالجمع فوجه ظاهر ، ومن وحدها حملها على الجنس { فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه } يعني جعلناه سقاء لكم لزرعكم وأنعامكم لتحيى به البلاد وينمو به الزرع { وما أنتم له بخازنين } نفي لهم يعني ما أنتم له بحافظين ، بل الله يحفظه ويرسله من السحاب ، ثم يحفظه في الأرض ، ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة { وانا لنحن نحيي ونميت } يعني نحيي الخلق ونميتهم { ونحن الوارثون } أي الباقون بعد هلاك الخلق كله ، وقيل : للباقي والوارث استعارة من ورث الميت لأنه يبقى بعد فنائه ، ومنه قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في دعائه : " واجعله الوارث منَّا " { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } يعني علمنا من استقدم ولادة وموتاً ، ومن تأخر من الأولين والآخرين ، أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج ، ومن تقدم في الاسلام وسبق إلى الطاعة ومن تأخر ، وقيل : المستقدمين في صفوف الجماعات والمستأخرين عنها ، قوله تعالى : { وإن ربك هو يحشرهم } أي هو القادر على حشرهم والعالم بحضورهم { إنه حكيم عليم } باهر الحكمة واسع العلم وقد أحاط بكل شيء { ولقد خلقنا الانسان } يعني آدم { من صلصال } الصلصال الطين اليابس الذي يصلصل وهو غير مطبوخ ، وإذا طبخ فخار { من حمأ } أي من طين متغير { مسنون } ، قيل : مصور يعني الحمأ ، وقيل : اسدن ، وقيل : المسنون المصور من سنة الوجه ، وقيل : المغير الرائحة { والجآنّ } ، قيل : الجن ، وقيل : هو ابليس ، وقيل : الجن نسل ابليس عن أبي مسلم ، وقيل : الجان أبو الجن ، وآدم أبو الانس ، وابليس أبو الشياطين ، والشياطين يموتون بموت أبيهم وسمّوا جنّاً لاستتارهم عن العيون ، وقوله : { من قبل } خلق آدم { من نار السموم } من نار جهنم ، قيل : هذه السموم حراً من سبعين حراً من النار للذي خلق الله منها الجان ، وقيل : خلق الجان من اللهب ، وقيل : خلقه من نار ووصفه بالسموم { وإذ قال ربك للملائكة } الذين كانوا سكان الأرض ، وقيل : هو عام ، وقوله : { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي } كأنه إجابة وإضافه إلى نفسه ، لأنه القادر وإنما هو تمثيل ليحصل ما يحيى به استثنى ابليس من الملائكة لأنه كان بينهم مأمور معهم بالسجود ، وقيل : كان السجود لآدم تحية لا سجود عبادة والعبادة لله والتحية لآدم ، وقيل : هو قبلة السجود ، قال : { فاخرج منها } ، قيل : من الجنة أو من السماء { فإنك رجيم } أي مرجوم أو ملعون ، وقيل : مبعد من الخير { وإِنَّ عليك اللعنة إلى يوم الدين } أي يوم الجزاء والحساب ويوم يبعثون ويوم الوقت المعلوم في معنى واحد { قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون } فلم يجب ذلك ونظر إلى آخر أيام التكليف { قال رب بما أغويتني } الباء للقسم ، والمعنى أقسم باغوائك إياي { لأزيننَّ لهم في الأرض } بالشهوات والأفعال القبيحة ، وذلك أن إبليس أمر بالسجود وهو التواضع والخضوع لأمر الله ، واختار الإِباء والاستكبار فهلك ، والله تعالى بريء من غيّه ومن إرادته والرضى به ، ونحو قوله : { بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض } وقوله : { فبعزتك لأُغوينَّهم } { قال هذا صراط } ، قيل : طريق ، وقيل : دين ، وأراد بقوله : { عليّ } أي هذا طريق إليَّ أي إلى رحمتي وجنّتي ، قوله تعالى : { وإنَّ جهنم لموعدهم } يعني موعد الغاوين { أجمعين } { لها سبعة أبواب } ، قيل : أبواب النار أطباقها وأدراكها فأعلاها للموحدين ، والثاني لليهود ، والثالث للنصارى ، والرابع للصابئين ، والخامس للمجوس ، والسادس للمشركين ، والسابع للمنافقين ، وعن ابن عباس : أن جهنم لمن ادّعى الربوبية ، ولظى لعبدة النار ، والحطمة لعبدة الأصنام ، وسقر لليهود ، والسعير للنصارى ، والجحيم للصابئين ، والهاوية للموحدين ، وقيل : هي سبعة منازل ، وقيل : سبع موارد ، وقيل : سبعة أبواب بعضها على بعض ، وروي : أنها طباق بعضها فوق بعض ، وعن علي ( عليه السلام ) : " أولها جهنم ، والثاني لظى ، والثالث الحطمة ، والرابع السعير ، والخامس سقر ، والسادس الجحيم ، والسابع الهاوية " { لكل باب منهم جزءٌ مقسوم } ، قيل : نصيب معروف ، وقيل : جزاء الله جهنم فقسمها بينهم { إن المتقين } من يتقي الشر والكبائر والفواحش { في جنات وعيون } { ادخلوها بسلام آمنين } من كل ما يكره { ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ } في الجنة والغل الحقد { لا يمسهم فيها نصب } النصب التعب ، أي لا ينالهم فيها نصب ، وقيل : حزن { نبّئ عبادي } أي أخبرهم { أني أنا الغفور الرحيم } لمن تاب وتقرب إلى بالطاعات واجتنب الكبائر .