Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 45-55)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أفأمن الذين مكروا السيئات } وهم أهل مكة كفروا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقيل : هم الذين دبروا التدابير السيئة في أمور الدين وإطفاء نوره { أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون } أي لا يعلمون كيف جاءهم وكيف أخذهم { أو يأخذهم في تقلبهم } ، قيل : في تصرفهم في التجارات والأسفار ليلاً ونهاراً { فما هم بمعجزين } أي لا يسبقون الله فيعجزونه من عذابهم { أو يأخذهم على تخوّف } من أن ينزل بهم ما نزل بغيرهم ، وهو من الخوف بأن يهلك قرية ولا يهلك الأخرى ، فخاف هؤلاء أن يصيبهم ما أصاب أولئك { أولم يروا إلى ما خلق الله } أولم يرى هؤلاء الماكرون إلى قدرة الله تعالى إلى ما خلق الله { من شيء } أي أجسام قائمة ذات ظلال { يتفيؤا ظلاله } يتحول من موضع إلى موضع بدوران الشمس { عن اليمين والشمائل } يعني في أول النهار وآخره { سجّداً لله } أي خاضعاً له بما فيها من الدلالة إلى حاجته إلى صانع ومدبر ، قال أما ظلك فيسجد لله وأما أنت فلا تسجد لله ، بئس والله ما صنعت { وهم داخرون } صاغرون ، والاجرام في أنفسها صاغرة منقادة لأفعال الله فيها لا تمتنع عليها { ولله يسجد } يخضع حتى يصير كيف شاء لا يمتنع على تصرفه شيء { ما في السماوات وما في الأرض من دابَّة } كل حيوان يدبُّ ، فخضوع المؤمن اعترافه بالله وعبادته ، وخضوع الكافر اعتقاده في الجملة إذ له مقدر ، وخضوع ما لا يعقل هو ما يدل عليه على خلقه وآثار صنعته وأنه يصرفه كيف شاء { والملائكة } أي يسجدوا الملائكة طوعاً ، وأفردهم بالذكر تشريفاً ، والمراد بسجود المكلفين طاعتهم وعبادتهم ، وسجود غيرهم انقيادهم لإِرادة الله وإنها غير ممتنعة ، وكلا السجود يجمعها معنى الانقياد { يخافون ربهم } يعني يخافون عذاب الله تعالى { من فوقهم } بالقهر والقدرة والعُلُوّ { ويفعلون ما يؤمرون } صفة للملائكة { وقال الله تعالى لا تتخذوا إلهين اثنين } ، قيل : لا تصفوا الله لا تجعلوا العباد لاثنين ، وقيل : لا تقولوا للعالم صانعان إلهان { إنما هو اله واحد } هو الخالق والمنعم { فإياي فارهبون } أي خافوا عذابي { وله ما في السماوات والأرض } خلقاً وملكاً { وله الدين واصباً } ، قيل : الطاعة دائماً ، وقيل : له الجزاء الشديد ، وقيل : له الدين واجباً { أفغير الله تتقون } { وما بكم من نعمة فمن الله } في الدين والدنيا فمن الله { ثم إذا مسّكم الضر فإليه تجأرون } يعني فما تضرعون إلا إليه ، والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة { ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم } بما أعطيناهم من القرآن ، وقيل : ليجحدون نعمة الله فيما أعطاهم { فتمتعوا } في دنياهم بما شاؤوا من غير تفكر في العاقبة { فسوف تعلمون } بما نزل بهم من عذاب الله .