Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 18-25)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { من كان يريد العاجلة } الآية نزلت في قوم من المجاهدين طلبوا عاجل الدنيا وهو الغنائم دون ثواب الله ، ومعناه من كان يريد العاجلة أي النعمة العاجلة وهي الدنيا { عجلنا له فيها ما نشاء } من البسط ، فتعلق ذلك بمشيئته لا بمشيئة العبد فقد يشاء العبد ما لا يشاء الله تعالى { ثم جعلنا له جهنم } أي مأوى من يريد الدنيا { يصلاها مذموماً } معيباً ، يعني يذمه الله ويعيبه وكذلك الملائكة والمؤمنون { مدحوراً } مطروداً مبعداً من رحمته { ومن أراد الآخرة } أي نعيمها وثوابها { وسعى لها سعيها } أي عمل للآخرة لأجل الثواب { فأولئك كان سعيهم مشكوراً } عند الله { كُلاًّ نمدّ هؤلاء } يعني من تقدم ذكره ممن يريد العاجلة ويريد الآخرة نمدّ أي نعطي البر والفاجر من رزقه في الدنيا والآخرة المؤمنين خاصة { من عطاء ربك } أي نعمة { وما كان عطاء ربك محظوراً } ، قيل : ممنوعاً محبوساً من البر والفاجر { انظر } يا محمد أو أيها السامع { كيف فضلنا بعضهم على بعض } ، قيل : في الرزق باغناء بعضهم وافقار آخرين ، وأصح قوم وأسقم قوم آخرين { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً } { لا تجعل مع الله الها آخر فتقعد مذموماً مخذولاً } يذمك الله وملائكته والعلماء ، مخذولاً لا ناصر لك { وقضى ربك } أمر ، وقيل : ألزم وأوجب { ألاَّ تعبدوا إلاَّ إياه وبالوالدين إحساناً } أو بأن تحسنوا بالوالدين إحساناً { إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف } أراد تأكيد الأمر بالإِحسان اليهما ، وفي أفٍّ ثلاث قراءات بكسر الفاء من غير تنوين ، وقرأ أبو عمرو وحمزة بفتح الفاء من غير تنوين ، ابن كثير الفاء والتنوين ، نافع لا يؤخرهما { وقل لهما قولاً كريماً } حسناً جميلاً ، ويدل عليه أن الدعاء لهما مندوب كما قال : { وقل رب ارحمهما } وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما " . " وشكا رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن أباه يأخذ ماله ، فدعا به فإذا بشيخ يتوكّأ على عصا فسأله فقال : إنه كان ضعيفاً وأنا قوي وفقيراً وأنا غني فكنت لا أمنعه شيئاً من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وفقير وهو غني ويبخل عليّ بماله ، فبكى ( عليه السلام ) وقال : " ما من حجر ولا مدر سمع هذا إلا بكى " ثم قال للولد : " أنت وما لك لأبيك " وشكا اليه آخر سوء خلق أمَّه فقال : " لم تكن سيئة الخلق حين حملتك لم تكن كذلك حين أرضعتك " وروي : " يفعل العاق ما شاء أن يفعل فلن يدخل الجنة " وعنه ( عليه السلام ) : " إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة يوجد ريحها من مسير ألف عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان " { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } المراد بالجناح الجناب أي ليّن لهما جناحك { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } ، قوله : { ربكم أعلم بما في نفوسكم } بما في ضمائركم ، قوله تعالى : { إن تكونوا صالحين } قاصدين الانصلاح والبر ثم فرطت منكم في حال الغضب { فإنه كان للأوابين غفوراً } الذين يتوبون مرة بعد مرة ، وروي أنه قال : كلما أذنبت بادرت بالتوبة وهم الذين يصلون بين المغرب والعشاء .