Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 45-52)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذا قرأت القرآن } يا محمد { جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } ، قيل : معناهم عند قراءتك ، وجعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً يعني ساتراً ، وقيل : عن العيون ، وقيل : هو ذمٌّ لهم وتشبيه أي كان بينك وبينهم حجاباً ، وقيل : جعلنا بينك وبين مشركي قريش حجاباً مانعاً أن ينالوك { وجعلنا على قلوبهم أكنة } غطاء { أن يفقهوه } فيعلموه ، يعني جعلنا بالحكم أنهم بهذه المنزلة { وفي آذانهم وقراً } أي ثقلاً للقرآن { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً } أي أعرضوا عنك مدبرين فارّين { نحن أعلم بما يستمعون به } وعد لهم وتسلية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعني هؤلاء يسمعون ويتناجون دونك ونحن أعلم بهم { إذ يستمعون إليك } إلى قراءتك القرآن { وإذ هم نجوى } وتناجيهم أن بعضهم قال : هو مجنون ، وبعضهم قال : ساحر ، وبعضهم قال : كاهن ، وبعضهم قال : أساطير الأولين { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا } بهذا القول عن الحق بأن قالوا : ساحر ، وقالوا : مجنون ، وقالوا : كاهن { فلا يستطيعون سبيلاً } أي لا يجدون حيلة وطريقاً في تكذيبك إلى البهت ، وقيل : ضلوا عما طلبوا في بطلان أمره فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً { وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً } نزلت في مشركي قريش في إنكارهم البعث ، الرفات هو ما تكسر وبلي من كل شيء ، وقيل : تراباً ، وقيل : غباراً { قل } يا محمد لهم { كونوا حجارة أو حديداً } وهذا ليس أمراً ولا إباحة ولكن معناه لو كنتم حجارة أو حديداً في الشدة ، لم يفت الله وسيحييكم من بعد الموت كما أنشأكم أول مرة { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم } ، قيل : أي شيء استعظمتموه في الخلق ويكبر في صدوركم ، وقيل : السماوات والأرض والجبال ، وعن ابن عباس : هو الموت وهو أكبر الأشياء ، قال الثعلبي : البعث { فسيقولون من يعيدنا } بعد الموت { قل } يا محمد { الذي فطركم أول مرة } ، قوله تعالى : { فسينغضون إليك رؤوسهم } فسيحركونها تعجباً واستهزاء { قل } يا محمد { عسى أن يكون قريباً } : عسى من الله واجبٌ ، والمعنى أن يكون قريباً في حكم الله { يوم يدعوكم } أي من قبوركم ، وقيل : هو النداء بالخروج إلى أرض المحشر { فتستجيبون } أي تجيبون مضطرين صاغرين { بحمده } أي حامدين الله على نعمه ، وقيل : تحمدونه حيث لا ينفعكم الحمد ، قال جار الله : والدعاء والاستجابة كلاهما مجاز والمعنى يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعوا ، وقوله : { بحمده } حال منهم أي حامدين وهي مبالغة في انقيادهم للبعث { وتظنون إن لبثتم إلاَّ قليلاً } في الدنيا والقبر وإنما هو تقرير الوقت كما قال الحسن : كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل ، وقيل : إن لبثتم إلا قليلاً بطول لبثكم في الآخرة .