Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 60-65)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذ قلنا لك } يا محمد { ان ربك أحاط بالناس } لفظ الإِحاطة توسع ومجاز ، والمراد أحاط بهم علماً وقدرة ، والمعنى أنه عالم بجميع الأشياء { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاَّ فتنة للناس } ، قيل : هي رؤيا عين ، وما رأى ليلة المعراج من الآيات والعبر وأسري به إلى بيت المقدس ثم إلى السماء فلما أخبر به المشركون كذبوه ، وقيل : هي رؤيا نوم وهي أنه رأى في المنام أنه يدخل مكة قصدها عام الحديبية فرجع ودخلها في العام القابل ونزل { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } الآية ، ولما رجع ( عليه السلام ) من الحديبية قال ناس : قد حدثنا أنه سيدخلها ، وقال بعضهم : لم يوقت { والشجرة الملعونة في القرآن } قيل : شجرة الزقوم وقد ذكرها تعالى في قوله : { إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم } [ الدخان : 43 - 44 ] والملعونة قيل : ملعون أكلها ، وقيل : اليهود لأنهم أصل اللعنة والعرب تضف الشيء بالشجرة ، والأكثر على أنها شجرة الزقوم { ونخوّفهم } بما تقدم من الإِهلاك وما وعدوا من الشجرة وعذابها { فما يزيدهم } ذلك { إلا طغياناً كبيراً } أي يجاوزوا في حد الكفر { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ، قيل : هو تحية ، وقيل : هو قبلة السجود { إلا إبليس } تكبّر ولم يكن من الملائكة إلا أنه أمر معهم بالسجود { لمن خلقت طيناً } فأخطأ إبليس من وجوه : أحدها : أن الفضل بالتقوى ، وثانيها : أن الأرض خير من النار ، وثالثها : أنه لم يؤمر بتعظيم غيره بمعنى يرجع إلى أصله ، ورابعها : أنه رد الأمر ولم يرض بالقضاء ، وخامسها : أنه اعتقد أن الأمر قبيح { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي } أي فضّلته عليّ { لأحتنكن ذريته } ، قيل : لأستولي عليهم ، وقيل : لأحتوينهم ، والاحتناك الانقطاع من الأصل ، يقال : احتنك فلان ما عند فلان إذا استقصاه فأخذه كله ، واحتنك الجراد الزرع إذا أكله كله ، الموفور المكمل أي تاماً كاملاً ، لأحتنكن من احتنكت الدابة إذا جعلت في حنكها الأسفل يقودها به { إلا قليلاً } وهم الصالحون استثناء لعلمه إن كيده لا ينفد فيهم ، فـ { قال } تعالى مجيباً له عن قوله على سبيل الاستصغار : { اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً } يعني أنه تعالى لا يمنعه منهم جبريل ولكن يخلي بينهم وبينه ، وهذا جواب استصغار كمن يقول افعل ما شئت فلن تضر إلاَّ نفسك { واستفزز } الاستفزاز الازعاج يقال : استفزّه أي استزلّه { من استطعت منهم بصوتك } ، قيل : بدعائك إلى معصية الله ، وقيل : بالغناء والمزامير والهوى ، وقيل : كل صوت دعا به إلى الفساد فهو من صوت الشيطان كالغناء والنياحة والدعاء إلى الباطل { وأجلب عليهم } قيل : اجمع عليهم ما قدرت عليه من مكابدتك { بخيلك ورجلك } كل راجل وماشي في معصية الله من الإِنس والجن ، وروي كل راكب قاتل في معصية الله فهو من خيل من الشيطان ، وكل راجل كذلك ، وقيل : خيله ورجله كل داع إلى معصيته { وشاركهم في الأموال والأولاد } وأما المشاركة بالأموال والأولاد فهو كل معصية يحملهم عليها كالزنا والمكاسب المحرمة كالبحيرة والسائبة والانفاق في الفسوق والإِسراف ومنع الزكاة ، وقيل : أولاد الزنا وقتل الموؤدة ، قوله تعالى : { وعدهم } كان الآخرة لهم كما وعد آدم بأن يكون ملكاً ومخلداً ، وقيل : منهم زينة الدنيا باعتقاد الباطل وأن لا ثواب لهم ولا عقاب { وما يعدهم الشيطان إلا غروراً } . { إن عبادي } يريد الصالحين { ليس لك عليهم سلطان } أي لا تقدر أن تغويهم { وكفى بربك وكيلا } لهم يتوكلون به في الاستعاذة منك ، وقيل : حافظاً ومانعاً منك .