Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 83-89)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ويسألونك } يا محمد اليهود { عن ذي القرنين } هو الاسكندر الذي ملك الدنيا ، قيل : ملكها مؤمنان ذي القرنين وسليمان بن داوود ، وكافران نمرود بن كنعان وبخت نصر ، قيل : إن ذو القرنين كان عبداً صالحاً ملكه الله الأرض وأعطاه العلم والحكمة وألبسه وسخّر له النور والظلمة ، فإذا سار يهديه النور من أمامه وتحفظه الظلمة من خلفه ، وقيل : كان نبياً ، وقيل : ملكاً صالحاً ، وعن علي ( عليه السلام ) : " إنه سخّر له السحاب ومدَّ له الأسباب وبسط له النور " وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أنه سمّي ذو القرنين لأنه طاف قرني الدنيا " ، يعني جانبيها شرقها وغربها ، وقيل : كان له قرنان ، وقيل : انقرض في وقته قرنان من الناس ، ومتى قيل : لِمَ لم يقص كل أخبار ذي القرنين ؟ قالوا : لا يمتنع أن يكون المذكور في كتبهم ذلك القدر فخبر بذلك ليكون أقوى في الدلالة ولا يمتنع أن يكون الصلاح في تعريفهم هذا القدر دون غيره ، والزيادة { إنا مكّنا له في الأرض } أي ملكناه وأوطأنا له الأرض { وآتيناه من كل شيء سبباً } ، قيل : آتيناه علماً لسبب به إلى ما يريد عن ابن عباس ، وقيل : من كل شيء تستعين به الملوك على فتح البلاد ومحاربة الأعداء ، وقيل : حيلة الأمور { فاتّبع } سلك وسار ، وبالتخفيف لحق { سبباً } طريقاً بين المشرق والمغرب ، وروي أنه حمل الخشب على الجمال فإذا بلغ البحر اتَّخذ السفن { حتى إذا بلغ مغرب الشمس } يعني موضع غروبها ، قال في الغرائب والعجائب : ذهب بعض المفسرين إلى أن الشمس تغرب في وسط العين وأن الماء يفور لولا أصوات أهل مدينة بالمغرب يقال لها جائر سألها اثني عشر ألف باب لسمعتم وقع هدتها ، إذا وقعت ، والله أعلم بذلك الخبر { وجدها تغرب في عين حمئة } يعني وجد الشمس تغرب في عين حارة ذات حمئة ، روي لكعب الأحبار كيف تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ قال : في ماء وطين { ووجد عندها قوماً } ، وقيل : ناساً ، وقيل : معناه وجدها كأنها تغيب في عين وإن كانت تغيب وراءها ، وأنكر هذا قول جماعة ، قالوا : بل هي تغيب في عين حمئة على ظاهر القرآن وعليه أكثر المفسرين ، قالوا : { قلنا ياذا القرنين إما أن تعذّب وإما أن تتخذ فيهم حسناً } يعني إما أن تعذب بالقتل من أقام على الشرك وإما أن تتخذ فيهم حسناً تعفوا وتصفح وتأمرهم وتعلّمهم الهدى والرشد ، فقال ذو القرنين مجيباً : { أما من ظلم } ، قيل : من كفر ولم يتب ، وقيل : من عصى وظلم { فسوف نعذِّبه } بالقتل { ثم يرد إلى ربه فيعذِّبه عذاباً نكراً } ، قيل : أشدّ من القتل ، وقيل : منكراً غير معهود ، ثم بيّن تعالى ما وعد المؤمنين فقال تعالى : { وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً } ، قيل : عدة جميلة من الله تعالى ، وقيل : بيَّن له القول ويهوّن عليه الأمر ، ثم بيّن تعالى مسيره إلى المشرق فقال سبحانه : { ثم اتبع سبباً } أي سلك طريقاً ، وقيل : سلك طريقاً للجهاد ، والسبب الطريق . قال الشاعر :