Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 90-101)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حتى إذا بلغ مطلع الشمس } يعني قرب من طلوع الشمس والمعنى بلغ مطلع الشمس { وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً } ، قيل : لم يكن شجر ولا جبل ولا بناء ، وعن كعب : أرضهم لا تمسك أبنية وبها أسراب فإذا طلعت الشمس دخلوها فإذا ارتفع النهار خرجوا من معايشهم ، وعن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقيل لي : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة ، فلقيتهم فإذا أحدهم يلبس أذنه ويفترش الأخرى ، فبينما نحن كذلك إذ سمعت كهيئة الصلصلة فغشي علي ، فلمَّا أفقت وقد طلعت الشمس على الماء هي فوق الماء كهيئة الزيت ، فأدخلونا سرباً لهم ، فلما ارتفع النهار خرجوا إلى البحر فجعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فيصح لهم ، وعند مجاهد : من لا يلبس الثياب من السودان عند طلوع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض { كذلك } أي أمر ذي القرنين كذلك { وقد أحطنا بما لديه } من الجنود والآلات وأسباب الملك ، قيل : علمنا ، ثم بيّن تعالى حاله بعد مسيره إلى المشرق فقال سبحانه : { حتى إذا بلغ } وصل { بين السَّدَّين } وهما جبلان سد ذو القرنين ما بينهما حاجزاً من يأجوج ومأجوج ومن ورائهم ، وقيل : السد ما بين الربية والربيحاء { وجد من دونهما قوماً } هم الترك { لا يكادون يفقهون قولاً } حصوا بلغة لا يكادون يفقهون قولاً { قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج } هما من ولد يافث { مفسدون في الأرض } ، قيل : كانوا يأكلون الناس ، وقيل : كانوا يخرجون أيام الربيع ولا يتركون شيئاً أخضر إلا أكلوه ولا يابساً إلا احتملوه ، وكانوا يلقون منهم أذى شديداً ، وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا يموت أحد منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كلّهم قد حمل السلاح " وقيل : هم على ضربين : طول مفرط الطول وقصر مفرط القصر { فهل نجعل لك خرجاً } أي جُعلاً نخرجه من أموالنا لك { على أن تجعل بيننا وبينهم سداً } لا يقدرون على الخروج منه ، فقال ذو القرنين : { ما مكّني فيه ربي خيرٌ } أي ما جعلني فيه ممكناً من كثرة المال واليسار خير مما عرضتم عليَّ ، ثم بيَّن تعالى كيف بنى السد فقال تعالى : { آتوني زبر الحديد } قطع الحديد { حتى إذا ساوى بين الصدفين } جانبي الجبل ، والصدفان قيل : جبلان ، قيل : إنه حفر الأساس حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب ، والبناء من زبر الحديد بين الحطب والفحم حتى سدّ ما بين الجبلين إلى أعلاهما ، ثم جعل المنافخ حتى إذا صارت ناراً أصب النحاس المذاب على الحديد المحمّى فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلاً صلدا ، وقيل : بعد ما بين السدين مائة فرسخ ، ويقال : أن ارتفاعه مقدار ماءتي ذراع وعرضه نحو خمسين ذراعاً ، والقطر : النحاس المذاب ، قوله تعالى : { فإذا جاء وعد ربي } يعني يوم القيامة جعل السد مدكوكاً مستوياً على الأرض { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } يعني يوم القيامة يموج في بعض ، أي يضطربون إنسهم وجنهم ، وقيل : أراد يأجوج ومأجوج ، وأنهم يموجون حتى يخرجون من السدّ مزدحمين في البلاد ، وروي فيأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه ثم يأكلون الشجر ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس ولا يقدرون يأتون مكة والمدينة وبيت المقدس ، ثم يميتهم الله بعد ذلك { ونفخ في الصور } ، قيل : قرن ينفخ فيه عن ابن عباس ، وقيل : ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع والثاني نفخة الصَّعِق والثالث نفخة القيام لرب العالمين ، وقال الحسن : الصور جمع صورة فيحسون بأن ينفخ في الصور والأرواح { فجمعناهم جمعاً } الخلق للحساب والجزاء يوم القيامة جميعاً في صعيد واحد { وعرضنا جهنم } وبرزناها لهم فرأوها وشاهدوها { للكافرين عرضاً } ثم وصف الكافرين فقال سبحانه : { الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري } أي عن آياتي التي ينظر إليها وعن القرآن وتأمل معانيه ونحوه { صمٌ بكمٌ عميٌ } [ البقرة : 18 ] والغطاء الغشاء { وكانوا لا يستطيعون سمعاً } يعني وكانوا صماً عنه أي يثقل عليهم استماع كتاب الله والإِيمان به .