Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 7-21)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا زكريا إنَّا نبشرك } يعني نخبرك بخبر يسرّك { بغلام اسمه يحيى } ، قيل : بشَّره بالولد وأنه يحيى ولا يموت صغيراً ، وقيل : سمّاه يحيى ليدل على أن الدين يحيى به { لم نجعل له من قبل سميَّاً } لم نسم أحداً قبله ، وقيل : لم نجعل له من قبل سمياً أي نظيراً { قال رب أنّى يكون لي غلام } أي كيف يكون لي ولدٌ ، قيل : هذا تعجب وليس بإنكار ، وقيل : إستخبار ، وقيل : قاله سروراً كمن يستر بشيء يسره فيقول ، كيف يكون هذا ؟ { وقد بلغت من الكِبَر عتيَّاً } ، قيل : عمراً طويلاً ، وقيل : كان له بضع وتسعون سنة { قال كذلك قال ربك هو عليَّ هيِّنٌ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً } { قال } زكريا : { رب اجعل لي آية } أي علامة للحمل ، قيل : أراد أن يعلم وقت الحمل فأجاب دعاءه { قال آيتك } علامتك { ألاَّ تكلِّم الناس ثلاث ليالٍ سوياً } يعني لا يمكنك أن تتكلم وأنت سوي سليم ، وروي أنه كان لا يمكنه أن يكلم الناس ويتكلم بالقراءة والتسبيح { فخرج على قومه من المحراب } موضع صلاته { فأوحى إليهم } فأشار اليهم بيده ، وقيل : بالكلام { أن سبحوا بكرةً وعشيَّاً } ، قيل : أراد الدوام ، وقيل : أراد الصلاة { يا يحيى خذ الكتاب بقوَّة } أي قلنا ليحيى لما خلق وعقل ، وقيل : لما بلغ أشدَّه ، وقيل : أكمل عقله في صباه وصِغر سنِّهِ ، والكتاب : التوراة ، بقوة : بجدّ واجتهاد ومواظبة في العمل { وآتيناه الحكم صبيَّاً } وهو الفهم للتوراة والفقه في الدين عن ابن عباس ، وقيل : دعاه الصبيان وهو صبي للّعب فقال : ما لِلّعب خلقنا ، وقيل : العقل ، وقيل : التوراة لأن الله أكمل عقله في صباه وأوحى اليه { وحناناً } رحمة لأبويه وغيرهما وتعطفاً وشفقة ، وقيل : حناناً من الله عليهما { من لدنا } من عندنا ، والزكاة : الطهارة ، وقيل : الصدقة { وكان تقياً } أي مخلصاً مطيعاً مجتنباً للمعاصي ، { وبرّاً بوالديه } قيل : باراً وهو اللطف بهما والطاعة لهما وطلب رضاهما { ولم يكن جباراً } ، قيل : يتطاول على الخلق ، ولم يكن جباراً { عصياً } لربه ، ثم بشّره بأنه مسلِّم على يحيى فقال : { وسلام عليه } ، قيل : سلامة له في الدنيا من المعاصي وفي الآخرة من العذاب ، وقيل : تسليم الملائكة ، وقيل : سلام الله عليه في هذه المواطن والأحوال لأنها أوحش المواطن ، وقيل : سلامة له من بلاوي الدنيا وعذاب القبر وأهوال الحشر وعذاب النار ، وقيل : سلامة له { يوم ولد } من ضرب الشيطان ، وروي أن بكاء الصبي من ذلك ، ثم عطف قصة مريم وعيسى على قصة زكريا ويحيى فقال سبحانه : { واذكر } يا محمد { في الكتاب } يعني في كتابك { مريم إذ انتبذت من أهلها } والانتباذ والإِعتزال والإِنفراد واحد يعني تخلَّت للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أو من دارها معتزلة من الناس ، وقيل : كانت به ما دامت طاهرة ، فإذا حاضت تحوّلت إلى بيت خالها وهي بيت زكريا ، وإذا طهرت واغتسلت عادت إلى المسجد ، فبينا هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمي شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر سوي الخلق ، وإنما مثل لها في صورة الإِنسان لتأنس بكلامه ولا تنفر عنه ، ولو أتاها في صورة الملائكة لنفرت عنه ولم تقدر على كلامه ، ودلّ على ورعها وعفتها أنها تعوّذت بالله من تلك الصورة الجميلة ، وكان تمثيله على تلك الصورة الجميلة ابتلاء لها ، وقيل : كانت في منزل زوج خالتها زكريا ولها محراب على حدة سكنة ، وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها فتمنت أن تجد خلوة في الجبل تعلي رأسها ، فانحفر السقف لها فخرجت فجلست في الشرفة وراء الجبل فأتاها الملك ، قيل : قام بين يديها ، وقيل : أن النصارى اتخذت المشرق قبلة لانتباذ مريم { مكاناً شرقياً } فأرسلنا { إليها روحنا } وهو جبريل ( عليه السلام ) { فتمثَّل لها بشراً سوياً } { قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقياً } ، قيل : إن كنت مؤمناً مطيعاً ، فاخرج فإني استعيذ بالله منك ، وقيل : معناه ما كنت تقياً حيث استحللت بالنظر إلي وخلوت بي قال : { إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً } يعني نبياً ولداً طاهراً ، فلما علمت صدقه بمعجزة ظهرت لها { قالت رب } أي يا رب : إرادة الدعاء لله تعالى { أنَّى } كيف { يكون لي غلامٌ } والمعتاد أن الولد يحدث عند الوطي { ولم يمسسني بشر } قط بالزوجيَّة وما كنت { بغيَّاً } فاجرة ، قال يعني جبريل لمريم : { كذلك قال ربك } ، قيل : هكذا قال ربك ، وقيل : قال يعني جبريل لمريم : { كذلك قال ربك هو عليَّ هيّن } أي سهلٌ يعني خلق الولد من غير أب ، { ولنجعله آية للناس } أي حجَّة للناس يدلّهم على التوحيد ، وقيل : معجزة { ورحمة منا } أي نعمة لأنه يدعوهم إلى ما قبلوا كان لهم رحمة كان رحمة ، وقيل : رحمة لمن تبعه في دينه { وكان أمراً مقضياً } أي محكماً ، وقيل : أمراً قضاه الله وصدره في اللوح المحفوظ .