Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 26-29)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضةً } الآية ، قيلَ : نزلت في اليهود وذلك ان الله تعالى لما ذكر في كتابه الكريم الذباب والعنكبوت ضحكوا وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله تعالى ، قال جار الله : والحياء تغيّر وانكسار يعتري الانسان من خوف ما يعاب به او يذم ، واشتقاقه من الحياة ، قال : فإن قلتَ : كيف جاز وصف القديم سبحانه به ولا يجوز عليه التغير والذم ؟ قلتُ : مجاز . وفي حديث : " ان العبد اذا رفع يده الى الله تعالى يطلبُ داعياً اليه ، استحيى الله ان يرد يده صِفراً حتى يهب فيهما خيراً " وهو مجاز على سبيل المثل ، وكذلك معنى قوله : { إنّ الله لا يستحي } أن يترك ضرب المثل بالبعوضة ، او هو جواب للكفرة ، وفي خلقه ما هو أصغر منها فـ { سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون } [ يس : 36 ] والبعوضة النهاية في الصغر وهي النامس وانشد لبعضهم : @ يا من يرى مد البعوض جناحَها في ظلمة الليل البهيم الأليلِ ويرى عروق نياطها في نحرها والمخ في تلك العظام النحِل اغفر لعبد تاب من فرطاته ما كان منه في الزمان الأولِ @@ { الذين ينقضون عهد الله } العهد ما ركبه في عقولهم من الحجة على توحيده واتباع نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويجوز ان تكون الآية في اليهود . { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } قيل : هو عام في كل ما أمر الله ان يوصله . { أولئك هم الخاسرون } الخاسر ضد الرابح ، وأصل الخسران النقص ، ومنه خسر الصبي سنه اذا قلعها . { كيف تكفرون بالله } استفهام معناه التوبيخ . { وكنتم أمواتا } يعني نطفاً . { فأحياكم } في الدنيا . { ثم يميتكم } عند انقضاء آجالكم . { ثم يُحييكم } في القبور والنشور ، وقيل : يحييكم في القبور . { ثم إليه ترجعون } بالبعث والنشور . { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } يعني لأجلكم وانتفاعكم به في دينكم ودنياكم ، فالانتفاع الدنيوي ظاهر بأنواع المشتهيات والمستلذات وما يتبَعُها ، والديْني من وجهين : أحدهما النظر في المخلوقات من عجائب الصنع الدالة على الصانع القادر العالم ، وثانيهما مما يرى من العقارب والحنشان ونحوها مما يقع بمشاهدته بذكر أهوال الآخرة وما فيها من هذه الأنواع ، فكان المنة بهذه أبلغ وأوضح ، انه خلق بعضه للانتفاع ، وبعضه للاعتبار لا كما يزعم من استدل بها على إباحة كل الحيوانات ، لأن الاجماع على خلافه . { ثم استوى الى السماء } اي قصد اليها بإرادته ومشيئته بعد خلق الارض من غير ان يريد خلق شيء آخر ، والمرادُ بالسماءِ جهات العلو . { وهو بكل شيء عليم } فمن ثم خلقهن خلقاً مستوياً محكماً من غير تفاوتٍ مع خلق ما في الأرض على حسب حاجات أهلها ومنافعهم ومصالحهم .