Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 30-39)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذ قال ربك للملائكة } قيل : هو خطاب لجميع الملائكة ، وقيل : هو عام لمن كانوا سكان الأرض من الملائكة . { إني جاعل في الأرض } قيل : هي الأرض التي عليها مستقر الخلق ، وقيل : هي مكة . { خليفةً } اي قوما يخلف بعضهم بعضاً اذا مات واحد خلفه الآخر ، وقيل : خليفة عليكم ، وقيل : خليفة عني يأمر وينهي ويحكم ، ويجري الانهار ، ويغرس الاشجار . { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } أي من يفسد ذريته لأن آدم ( عليه السلام ) لم يكن بهذه الصفة ، ولا رسل الله وأنبياؤه ( عليهم السلام ) والمؤمنون ، وفي معرفتهم بذلك أقوال : قيل : رأوا ذلك في اللوح المحفوظ ، وقيل : قاسوا وكانت الجن على هذه الصفة واول من قاس الملائكة ، وقيل : عرفوا ذلك من لفظ الخليفة فان الخليفة من يقوم مقام الاول . { ونحن نسبح بحمدك } قال الحسن : " يقولون سبحان الله وبحمده " ويدل عليه الخبر المروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " انه سئِل أيّ الكلام أفضل ؟ فقال : " ما اصطفاه الله تعالى للملائكة سبحان الله وبحمده " { ونقدس لك } اي ننزهك فقال الله تعالى : { إني أعلم ما لا تعلمون } اي اعلم من المصالح في ذلك ما هو خفي عليكم . قال جار الله : فإن قلتَ : فهلا يتولهم تلك المصالح ؟ قلتُ : كفى العباد أن يعلموا أن افعال الله كلها حسنَةٌ وحكمةٌ وان خفي عليهم وجه الحسن ، والحكمة على انه تعالى قد بين لهم بعض ذلك بما اتبعه بقوله : { وعلم آدم الأسماء كلها } في تسميته بآدم أقوال : أحدها لأنه خلق من أديم الارض ، وقيل : من الآدمة في اللون ، وقيل : لاجتماعة بحوّاء ، { الأسماء } أي اسماء المسميات ، أراد الأجناس التي خلقها الله تعالى وعلمه ان هذا اسم فرس ، وهذا اسم بعير ، وهذا اسم كذا ، وهذا اسم كذا ، وقيل : علمه أسماء الملائكة وذريته وكان آدم ( عليه السلام ) يتكلم بسبع مائة الف لغة أفضلها العربية . { ثم عرضهم على الملائكة } أي المسمين بالاسماء ، لأن العرض على الاسماء لا يصح . { فقال أنبئوُني } قال جار الله : وانما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الانباء على سبيل السكت . { إن كنتم صادقين } يعني في زعمكم اني استخلف في الارض مفسدين سافكين للدماء أراد الرد عليهم وانه اعلم منهم بذلك . { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } السجود لله على سبيل العبادة ، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم ( عليه السلام ) وابَوا يوسف واخوته له ، وقيل : كان انحناء يدل على التواضع . { إلا إبليس } استثناء متصل وكان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان اسمه عزرايل ، وكان من ذوي الأجنحة الأربعة ، وقيل : استثناء منقطع فان الله تعالى لما خلق الارض أسكن الجن فيها فعصوا وسفكوا الدماء ، وأفسدوا فيها ، فبعث الله عليهم جنداً من الملائكة فقتلوهم ، وأسروا عدو الله ابليس ، نعوذ بالله منه ، وأقام يعبد الله تعالى معهم تارةً في الارض وتارةً في السماء ، قيل : خمسة آلاف عام ، وقيل : ثلاثة آلاف عام ، وكان أشد الملائكة عبادةً واجتهاداً ، وهو معنى قوله : { كان من الجن } [ الكهف : 50 ] ومعنى قوله : { وكان من الكافرين } . { اسكن انت وزوجك الجنةَ } هي حواء خلقت من باقي الطين الذي خلق منه آدم ( عليه السلام ) وقيل : من ضلع آدم وهي القصيرة ، { الجنة } قيل : كانت جنة في السماء غير جنة الخلد ، وقيل : كانت جنة في الأرض . { ولا تقربا هذه الشجرة } قيل : هي الحنطة ، وقيل : العِشبُ ، وقيل : التين ، وقيل : النخلة . { وقلنا اهبطوا } خطاب لآدم وحواء وابليس . { فتلقى آدم من ربه كلمات } قيل : تلقن ، وقيل : قَبِل ، واختلفوا في هذه الكلمات على أقوال : فالذي ذكره الفقيه احمد بن مفضل رحمه الله ورواه ايضاً في الثعلبي وهو ايضاً رواية اهل البيت ( عليهم السلام ) : " ان آدم لما خرج من الجنة رأى عن يمين العرش أشباحاً خمسة ، فقال آدم : يا رب ما هؤلاء ؟ قال : صفوة من نوري فأنا الله المحمود وهذا محمد ، وأنا المتعالي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا الحسن ، ولي الاسماء الحسنى وهذا الحسين ، قال آدم ( عليه السلام ) : فبحقهم اغفر لي " . وقيل : هو قوله تعالى : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [ الأعراف : 23 ] وقيل : ثلاثة أشياء الحياء والدعاء والبكاء . ذكر الثعلبي : أن آدم ( عليه السلام ) لمَّا هبط الى الارض مكث في الارض ثلاثمائة سنة لا يرفع له رأساً حياء من الله . قال ابن عباس : بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعيم الجنة مائة سنة ، ولم يقرب آدم حواء مائة سنة . { فتاب عليه } وتجاوز عنه . { إنه هو التواب الرحيم } يقبل توبة عباده ، رحيمٌ بخلقه ، وانما جرى على آدم ما جرى تعظيماً لخطيئته ، ولطفاً لذريته في اجتناب الخطايا ، وان آدم خرج من الجنة بذنب واحد فكيف يدخلها من له خطايا جمة ولله القائل :