Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 37-44)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد منّنا عليك } نعماً متوالية ، فقال سبحانه : { إذ أوحينا إلى أمِّك ما يوحى } الوحي إليها إما أن يكون على لسان نبي في وقتها كقوله : { وإذ أوحيت إلى الحواريين } [ المائدة : 111 ] ، وقيل : كانت رؤيا في المنام أو تلهمها كقوله : { وأوحى ربك إلى النحل } ، ثم فسَّر ذلك الوحي فقال : { أن اقذفيه في التابوت } ، قيل : سمع فرعون ممن قرأ الكتب ، وقيل : من الكهنة ، وقيل : رأى رؤيا فعبّر له أن زوال ملكه على يدي رجل من بني إسرائيل ، فأخذ في ذبح الأولاد وشدّ في ذلك ، وروي أنه وكّل بكل حامل قبطية تحفظها ، فلما ولدت أم موسى حفظته في التابوت وألقته في اليم ، وروي أنها وضعت في التابوت عطباً محلوجاً فوضعته فيه ، وقيل : أن الذي صنع التابوت مؤمن من آل فرعون اسمه حزقيل { فاقذفيه في اليمِّ } في البحر { فليلقه اليمّ بالساحل } يعني شاطئ البحر { يأخذه عدوّ لي وعدوّ له } كموسى وهو فرعون ، وروي أنها وضعته في التابوت وجَصَّصته وقبرته ثم ألقته في اليم ، وكان يسرع منه إلى بستان فرعون نهر كبير ، فبينما هو جالس على رأس بركته مع آسية إذ بالتابوت فأمر به فأخرج ففتح فإذا صبي أصبح الناس وجهاً ، فأحبه عدوّ الله حُبَّاً شديداً لا يتمالك أن يصبر عنه { وألقيت عليك محبة } خالصة أو واقعة { منّي } في القلوب ، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك ، روي أنها كانت على وجهه مسحة جمال ، وفي عينيه ملاحة ولا يكاد يصبر عنه من رآه { ولتصنع على عيني } أي لتغذى على محبتي وإرادتي ، وهذا من فصيح الكلام { إذ تمشي أختك } ، قيل : بعثتها أمها لتنظر حال التابوت ، وكان الناس يدخلون ولا يمنعون { فتقول هل أدلّكم على من يكفله } لما امتنع من ثدي أحد قالت أخته واسمها مريم : هل أدلكم على امرأة ترضعه وتربيه ؟ فقالوا : نعم ، فجاءت بالأم فقبل ثديها فذلك قوله : { فرجعناك إلى أمّك كي تقرّ عينها } الآية { وقتلت نفساً } وهو القبطي الذي استغاثه عليه الاسرائيلي ، قتله وهو ابن اثني عشر سنة { فنجَّيناك من الغمِّ } لأنه اغتم بسبب القتل خوفاً من عقاب الله ومن اقتصاص فرعون ، فغفر الله له ذلك { وفتنَّاك فتوناً } اخترناك اختياراً { فلبثت سنين في أهل مدين } وذلك حين رعى لشعيب عشر سنين ، وروي أن بين مدين ومصر ثمان مراحل { ثم جئت على قدر يا موسى } يعني موعد وهو القدر الذي قدره الله لكلامك ونبوتك { واصطنعتك } اخترتك للرسالة { لنفسي } رسولاً { اذهب أنت وأخوك بآياتي } بالعصا واليد ، وقيل : التسع الآيات { ولا تنيا } ، قيل : لا تضعفا ولا تبطئا { اذهبا إلى فرعون إنه طغى } جاوز الحد والعصيان { فقولا له قولاً ليِّناً } يعني ارفقا بالدعاء ولا تغلظا له ، قيل : كان هارون بمصر فلما أوحى إلى موسى أن يأتي مصراً أوحى إلى هارون أن يلقى موسى ، فلقاه على مرحلة واجتمعا وذهبا إلى فرعون { لعلّه يتذكر } والترجي لهما أي اذهبا على رجائكما وطمعكما ، وباشرا الأمر مباشرة من يرجو أو يطمع أن يثمر عمله ولا يخيب عمله ، وأرسلهما إليه مع علمه بأنه لا يؤمن إلزاماً للحجة وقطعاً للمعذرة .