Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 9-36)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وهل أتاك حديث موسى } يعني قد أتاك خبره { إذ رأى ناراً } ، قيل : أن موسى استأذن شعيباً في الخروج إلى الله فأذن له وخرج بأهله ، فولدت له في الطريق ابناً في ليلة شاتية مظلمة مثلجة ، وقد ضلّ الطريق ، وتفرقت ماشيته وما عنده ، فقدح النار فلم يور ، فأبصر ناراً من بعيد عن يساره وكان ذلك ليلة الجمعة { فقال لأهله } امرأته { امكثوا } أقيموا مكانكم وهي بنت شعيب { إني آنست } أبصرت { ناراً لعلي آتيكم منها بقبس } النار المقبسة من رأس عود أو فتلة أو غيرها { أو أجد على النار هدى } أي أجد قوماً يهدوني في الدين أو يعرفوني الطريق { فلمَّا أتاها } أتى النار ، قيل : رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها تستوقد فيها ناراً بيضاء ويسمع تسبيح الملائكة ، وقيل : كان نوراً ولم يكن ناراً ، وقيل : النار والنور واحد ، وقيل : لما رأى ذلك تحيّر وتعجّب وعلم أنه معجز العادة فقال سبحانه : { نودي } أي ناداه الله تعالى وقال : { يا موسى إني أنا ربك } ، وقيل : لما كلَّمه الله قال : من المتكلم ؟ قال الله : { إني أنا ربك } ، فإن قيل : كيف أسمعه كلامه ؟ قالوا : الكلام فعل المتكلم فخلق الله النداء في الشجرة ، وقيل : رأى نوراً عظيماً فخاف فألقيت عليه السكينة ثم نودي وكانت الشجرة عوسجة ، وروي أن إبليس وسوس اليه لعلك تسمع كلام شيطان ، فقال : أنا أعرف أنه كلام الله بأني أسمعه من جميع جهاتي الست ، وأسمعه بجميع أعضائي { فاخلع نعليك } ، قيل : أمر بخلع نعليه لأنهما كانا من جلد حمار ميت غير مدبوغ ، وقيل : ليباشر الوادي بقدميه متبركاً ، وقيل : لأن الحفرة تواضع لله ، ومن ثم طاف السلف بالكعبة ، وروي أنه خلع نعليه وألقاهما وراء الوادي ، ومنهم من استعظم دخول المسجد بنعليه { إنك بالواد المقدس } المبارك ، وقيل : المطهر { طوىً } ، قيل : اسم الوادي { وأنا اخترتك } للرسالة { فاستمع لما يوحى } ، ثم ابتدأ بالتوحيد فقال : { إنني أنا الله لا إله إلاَّ أنا } أمره أن يبلغ ذلك قومه { فاعبدني وأقم الصلاة لذكري } فيها بالتسبيح والتعظيم ، وقيل : لأن اذكر بالمدح والثناء { إن الساعة آتية } لا محالة { أكاد أخفيها } وأكاد صلة ، وقيل : أكاد أريد كقوله : { كدنا ليوسف } أي أردنا ، والإِخفاء هو الإِسرار ، يقال : خفيت الشيء { لتجزى كل نفس بما تسعى } من خير وشر { فلا يصدّنك } عن الساعة { من لا يؤمن بها } لا يمنعك بالإِيمان بالساعة من لا يؤمن بالساعة { واتّبع هواه فتردى } فتهلك { وما تلك بيمينك } إنما سأله ليريه عظيم ما يخترعه عز وعلا من الخشبة اليابسة من قلبها حيَّة وكانت لها شعبتان وفي أسفلها سنان ، وقيل : كانت من أوس الجنة أخرجها آدم ( عليه السلام ) وتوارثوه إلى أن بلغ شعيباً فدفعها إلى موسى { أتوكأ عليها وأهشّ بها على غنمي } أخبط بها ورق الأشجار لترعاها غنمي { ولي فيها مآرب أخرى } قال جار الله : كانت ذات شعبتين ومحجن فإذا طال الغصن جناه بالمحجن ، وإذا طلب كسره لواه بالشعبتين ، وإذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته من القوس والكنانة ، وكان يقاتل بها السباع ، وروي أنه كان يستسقي بها فتطول طول البئر فتصير شعبتاها دلواً ، ويكونان بالليل وإذا ظهر عدو حاربت عنه ، وإذا اشتهى ثمرة ركزها فأورقت وأثمرت ، وكان يحمل عليها رداءه وسقاءه فجعلت تماشيه ، وإذا سار في البرية ركزها واستظل ، كل ذلك معجزات ظهرت فيها { قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حيَّة تسعى } تمشي بسرعة ، وقيل : صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس ، وجعلت تورم حتى صار ثعباناً وهو أكبر ما يكون من الحيات عن ابن عباس { قال خذها } يا موسى { ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى } أي في حال ما كانت عصا { واضمم يدك إلى جناحك } وجناحا الإِنسان جانباه والأصل المستعار منه جناحي الطير ، والمراد إلى جنبك تحت العضد { تخرج بيضاء من غير سوءٍ } كناية عن البرص ، وروي أنه كان آدم فأخرج يده من المدرعة بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس أي خذ هذه الآية بعد العصا حية { لنريك } لهاتين الآيتين بعض { من آياتنا الكبرى } ولما الرسالة وأداة المعجزة أمره بالتبليغ فقال : { اذهب إلى فرعون إنه طغى } تعدّى { قال رب اشرح لي صدري } يعني وسّع لي صدري حتى لا أضجر { ويسِّر لي أمري } أي سهّل علي أدنى ما كلّفتني { واحلل عقدة من لساني } وكان في لسانه عقدة ، وعن ابن عباس كان في لسانه رتّه لما روي في حديث الجمرة ، واختلف في زوال العقدة بكمالها فقيل : بقي بعضها لقوله : { وأخي هارون هو أفصح مني لساناً } ، وقوله : { ولا يكاد يبين } وكان في لسان الحسين ( رضي الله عنه ) فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ورثها من عمّه موسى " وقيل : زالت لقوله : { قد أوتيت سؤلك يا موسى } { واجعل لي وزيراً من أهلي } الوزير من الوزرة لأنه يتحمل عن الملك أوزاره ومؤنه ، ومن الوزر لأن الملك يعتصم برأيه ، أو من المؤازرة وهي المعاونة { هارون أخي أشدد به أزري } وكان أخاه لأبيه وأمه ، وكان بمصر ، وأشركه الله تعالى بينهما في النبوة ، سأله موسى خمسة : شرح الصدر وتيسير الأمر واحلل عقدة واجعل لي وزيراً من أهلي أي ظهيراً معيناً وخامسها بين ما هو فقال هارون أخي ، فأجابه الله تعالى : و { قال قد أوتيت سؤلك يا موسى } وروي في العقدة قيل : جمرة طرحها في فيه لأنه أخذ بلحية فرعون فنتفها ، فهمّ بقتله فقالت آسية : إنه صبي لا يعقل وعلامته أن تقرب له التمرة والجمرة ، فقربا فأخذ بالجمرة فجعلها في فيه ، وقيل : أن جبريل حوّل يده من التمرة إلى الجمرة . الأزر : القوة وآزره قوّاه ، أي اجعله شريكي في الرسالة حتى نتعاون على عبادتك وذكرك { كي نسبّحك } ننزّهك عمّا لا يليق عليك { ونذكرك كثيراً } نحمدك ونثني عليك ، وبيَّن تعالى أنه أجاب موسى إلى ما سأله وأنعم عليه مع سائر نعمه من قبل ، فقال سبحانه : { قد أوتيت سؤلك يا موسى } مرادك وطلبتك .