Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 39-47)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لو يعلم الذين كفروا } ما ينالهم أو إذا أتاهم ما يستعجلون به { حين لا يكفُّون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم } ، قيل : أراد الوجوه والظهور ، وقيل : أراد إحاطة النار بهم { بل تأتيهم بغتة } يعني الساعة تأتيهم فجأة { فتبهتهم } تحيّرهم ، وقيل : تفاجئهم { فلا يستطيعون ردّها } أي لا يقدرون على دفعها { ولا هم ينظرون } أي لا هم يُؤَجلوه ، لما تقدم ذكر استهزائهم بالمؤمنين والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أتبعه بقوله : { ولقد استهزئ برسل } تسلية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإنذاراً لقومه من العذاب { فحاق } فحلّ ونزل بهم { بالذين سخروا منهم } من الرسل { ما كانوا به يستهزئون } يعني وبال استهزائهم وما استحقوا عليه من العذاب { قل } يا محمد لهم : { من يكلؤكم } ، قال في الحاكم : خرج الكلام مخرج الاستفهام والمراد به الإِنكار ، أي لا حافظ لهم سواه ، معناه أنكم تكفرون به وتستهزئون برسله وإذا حلّ بكم عذابه فلا مانع ولا دافع ، ومعنى يكلؤكم ، يحفظكم ويحرسكم { بالليل والنهار } يعني في جميع الأوقات { من الرحمان } أي من بأسه وعذابه وعقوبات الدنيا والآخرة { بل هم عن ذكر ربهم معرضون } يعني بل هم معرضون عن ذكره لا يخطروه ببالهم عن مواعظه وزواجره { أم لهم آلهة تمنعهم } من عذاب الله إذا نزل بهم ، ثم بيَّن وصف ما اتخذوه آلهةً فقال سبحانه : { لا يستطيعون نصر أنفسهم } يعني الأوثان لا يقدرون فكيف ينصرون من عبدها ؟ قال جار الله : إن ما ليس بقادر على تصريفه وعن منعها من إليه بالنصر والتأييد ، كيف يمنع غيره ؟ { ولا هم منا يصحبون } ولا الكفار منا يجارون ، وقيل : يمنعون ، وقيل : ينصرون ويحفظون { بل متعنا هؤلاء } الكفار { وآباؤهم } في الدنيا بما أنعم الله عليهم من نعم الدنيا ، وإمهال الله إياهم { حتى طال عليهم العمر } فغرّهم شأن طول العمر ، وإمهال الله إياهم حتى أتوا ما أتوا { أفلا يرون } يعني ينبغي أن يعتبروا بالدنيا فإنها إلى زوال وبحساب ، يعتبروا بمن مضى من الأمم الخالية أتهم المنيَّة ، أو لم يروا هؤلاء الكفار { أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } ، قيل : بحراثها ، وقيل : بموت أهلها ونقصان أموالها ، وقيل : بموت العلماء ، وقيل : بهلاك الظلمة وخراب دورهم ، وقيل : بتسليط المؤمنين عليها وإظهارهم على أهلها وردهم دار إسلام { أفهم الغالبون } ، قيل : هؤلاء الذين أهلكهم الله الغالبون أم الله حيث أهلكهم كذلك حالكم { قل إنما أنذركم بالوحي } أي بما أوحي إليَّ من القرآن وأخبار الأمم والوعد والوعيد { ولا يسمع الصُّمُّ الدعاء } يعني أنهم يستثقلون القرآن وسماعه وذكر الحق ، فهم بمنزلة الأصم الذي لا يسمع ، وقيل : إنهم يتصامّون إذا دعوا إلى الحق { ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك } ، قيل : طرف ، وقيل : عقوبة ، قال جار الله : لئن مسّتهم من هذا الذي ينذرون به أدنى شيء لأذعنوا وذلوا وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصامّوا وأعرضوا بالنفخ في معنى القلَّة { ليقولُّن يا ويلنا } يدعون بالويل عند نزوله { إنا كنَّا ظالمين } نفسنا بأن عصينا الله وكذَّبنا الرسل { ونضع الموازين القسط } المراد بموضع الموازين قولان : أحدهما إرصاد الحساب السوي والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة من غير أن يظلم عباده مثقال ذرة فمثل ذلك بموضع الموازين ليوزن بها الموزونات ، والثاني أنه بموضع الموازين الحقيقة ويوزن بها الأعمال ، وعن الحسن : هو ميزان له كفّتان ولسان ، وروي أن داوود ( عليه السلام ) سأل الله أن يريه الميزان ، فلما رآها غشي عليه ثم أفاق ، فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته ، فقال : يا داوود إذا رضيت على عبدي ملأتها بتمرة ، قال جار الله : فإن قلتَ : كيف يوزن الأعمال وهي أعراض ؟ قلتُ : فيه قولان أحدهما توزن صحائف الأعمال والثاني يجعل في كفة الحسنات جواهر بيضٍ مشرقة ، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة { فلا تظلم نفس شيئاً } يعني لا ينقص من ثوابها المستحق ولا يزاد في العذاب { وإن كان مثقال حبَّة } هذا مثل والمراد إن كان يسيراً من الطاعة لا يضيع بل يجازى عليه { أتينا بها } قيل : أنها محفوظة { وكفى بنا حاسبين } لأنه لا يظلم في حسابه وأنه لا يعلم الخردلة غيره كذلك اليسير من الأعمال .