Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 48-57)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد آتينا موسى وهارون } أي آتيناهما { الفرقان } وهو التوراة وآتيناهما { ضياء وذكراً للمتّقين } والمعنى أنه في نفسه ضياء وذكراً ، وآتيناهما بما فيه من الشرائع والمواعظ ضياء وذكراً ، وعن ابن عباس : لفرقان الفتح كقوله : { يوم الفرقان } ، وقيل : فلق البحر { الذين يخشون ربهم } أي يخافون عقابه بالغيب في سرائرهم { وهم من الساعة مشفقون } خائفون ، قوله تعالى : { وهذا ذكر } يعني القرآن { مبارك } وبركته كثيرة ألا من تمسك به وعمل به استحق ثواب الأبد { أفأنتم له منكرون } قيل : جاحدون مع كونه معجز ؟ ! { ولقد آتينا إبراهيم رشده } وهو الاحتباء لوجه الصلاح ، قال تعالى : { فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } [ النساء : 6 ] { من قبل } موسى وهارون ، وقيل : { من قبل } محمد { وكنا به عالمين } أي علمنا أنه هو أهل النبوة ومصطلح لها يقوم بها عملاً { وإذ قال لأبيه } آزر وقومهم حين رآهم يعبدون الأصنام { ما هذه التماثيل } الصور التي لا تنفع ولا تضر ؟ تجاهُل لهم وتصغير شأنها مع علمه بتعظيمهم وإجلالهم لها { التي أنتم لها عاكفون } مقيمون على عبادتها ؟ ! { قالوا بل وجدنا آباءنا لها عابدين } ، قال جار الله : ما أقبح التقليد والقول المتقبل بغير برهان ، وما أعظم كيد الشيطان للمقلدين حين استدرجهم إلى أن قلدوا آباءهم في عبادة التماثيل ، وعفروا لها جباههم وهم معتقدون أنهم على شيء ، فجادلوا في نصرة مذهبهم ، ومجادلون لأهل الحق عن باطلهم ، وكفى أهل التقليد سيئة ان عبدوا الأصنام ، ثم بيَّن تعالى جواب إبراهيم لقومه فقال سبحانه : { بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهنَّ } أي خلقهن ، قال جار الله : الضمير في فطرهن للسماوات والأرض أو للتماثيل ، وكونه للتماثيل أدخل في تضليلهم وأثبت للاحتجاج عليهم { وأنا على ذلكم من الشاهدين } وذلك مبالغة في إظهار الحق ، قال جار الله : وشهادته على ذلك بالحجة عليه وتصحيحه بها كما تصح الدعوى بالبينات لأني لست مثلكم ، فأقول ما لا أقدر على إثباته بالحجة كما لم تقدروا على الاحتجاج لمذهبكم ، ولم تزيدوا على أنكم وجدتم عليه آباءكم { وتالله } هذا قسم به سبحانه { لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولَّوا مدبرين } قيل : في حال غيبتكم ، وقيل : إشارة إلى أنها تحتاج إلى نصرهم فإذا غابوا لا يقدرون على حفظ أنفسهم ، وقيل : كان هذا يوم عيد لهم ، وقيل : كان لهم في كل سنة عيد إذا رجعوا دخلوا على أصنامهم وسجدوا لها ، وروي أن آزر خرج به في يوم عيد ، فبدأوا ببيت الأصنام فدخلوا وسجدوا لها من دون الله وضعوا بينها طعاماً ، فخرجوا وبقي إبراهيم ونظر إلى الأصنام وكانت سبعين صنماً مصطفّة وثمّ صنم عظيم مستقبل الباب وكان من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل ، فكسرها كلها بفأس في يده حتى لم يبق إلاَّ الكبير علق الفأس في عنقه ، قيل : كان ذلك سراً من قومه ، وروي سمعه رجل واحد .