Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 74-82)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولوطاً آتيناه حكماً } ، قيل : الفصل بالحق ، وقيل : النبوة ، وقيل : إصابة الحق { وعلماً } أي علماً بالدين وما يحتاج إليه { ونجّيناه من القرية } هي سدوم وهي { التي كانت تعمل الخبائث } يعني أهلها { إنهم كانوا قوم سوء فاسقين } خارجين عن طاعة الله ، قيل : كانوا يأتون الذكور في أدبارهم ويتضارطون في أيديتهم ، وقيل : الكفر وسائر القبائح { وأدخلناه في رحمتنا } ، قيل : الرحمة ، النجاة ، وقيل : النبوة { إنه من الصالحين } ثم عطف قصة داوود ونوح على ما تقدم فقال سبحانه : { ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له } في دعائه { فنجيناه وأهله } يعني من آمن به { من الكرب العظيم } من العذاب والغرق الذي نزل بقومه { ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا } أي نصرناه على القوم ، وقيل : متعناه بالنصر منهم حتى لم يصلوه بسوء ، ثم عطف قصة داوود على قصة نوح فقال سبحانه : { وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث } ، قيل : كان زرعاً وقع فيه الغنم ليلاً ، وقيل : كان كرماً قيل : شرعاً في الحكم من غير قطع { إذ نفشت فيه غنم القوم } أي رعته فأفسدته { وكنا لحكمهم شاهدين } لا يغيب عنَّا { ففهّمناها سليمان } أي فتحنا له طريق الحكومة ، وقيل : فهم سليمان قيمة ما أفسدت الغنم ، ويقال : كيف كان قصة الحرث وما الذي حكما به ؟ قالوا : إنهما اختصما إليه صاحب الحرث وصاحب الغنم الذي أفسدت الحرث فحكم داوود بالغنم لصاحب الحرث ، فقال سليمان وهو ابن اثني عشر سنة غير هذا أرفق بالفريقين ، فعزم عليه ليحكمن فقال : أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بها بألبانها وأولادها وأصوافها ، والحرث إلى أرباب الشاء يقومون عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد ثم يترادان ، فقال : القضاء ما قضيت وأمضى الحكم ، فإن قيل حكما بوحي أم باجتهاد ؟ قيل : جميعاً بالوحي ، وقيل : اجتهدا جميعاً فجاء اجتهاد سليمان أشدّ بالصواب ، وفي قوله : { ففهّمناها سليمان } دليل على أن الصواب كان مع سليمان ، وفي قوله : { وكلا آتينا حكماً وعلماً } دليل على أنهما كانا جميعاً على الصواب { وسخّرنا مع داوود الجبال يسبحن } فإن قيل : لم قدم الجبال على الطير ؟ قيل : تسبيحها وتسخيرها أعجب وأدل على القدرة وأدخل في الإِعجاز لأنها جماد { والطير } حيوان ناطق ، روي أنه كان يمر بالجبال مسبحاً وهي تجاوبه ، وقيل : كانت تسير معه حيث سار ، قال جار الله : فإن قلت : كيف تنطق الجبال وتسبح ؟ قلتُ : لأن الله يخلق فيها الكلام كما خلقه في الشجرة حين كلم موسى ، وجواب آخر وهو أن يسبح من رآها تسير بسير الله فكما حملت على التسبيح وصفت { وكنا فاعلين } أي قاصرين على أن نفعل هذا { وعلّمناه صنعة لبوس لكم } يعني الدروع ، وروي أن أول من صنع الدروع داوود ، والله تعالى جعل الحديد في يده كالعجين كما قال : { وألنا له الحديد } [ سبأ : 10 ] ، قيل : أن داوود سأل ملكاً ماذا يقول له أهل السماء ، قال : يقولون : نعم العبد لو أكل من كسب يده ، فسأل الله أن يعلمه كسباً فعلَّمه صنعة الدروع { لتحصنكم من بأسكم } لتحرزكم وتمنعكم من بأسكم ، أي من حربكم ، قرئ بالنون والياء فالنون لله عزَّ وجلّ والياء لداوود والملتزمين { فهل أنتم شاكرون } على هذه النعم ؟ ثم عطف قصة سليمان ( عليه السلام ) على ما تقدم من القصص فقال سبحانه : { ولسليمان الريح عاصفة } شديدة الهبوب ، وقيل : كيف الجمع بين قوله عاصفة ورخاء في موضع آخر ؟ قالوا : أراد أن سخّر له الريح فكان يجري كيف شاء إن ما سهلاً وإن ما شديداً كالراكب فرسه في يده لجامه يصرفه كيف شاء مرة سيراً ومرة ركضاً { تجري بأمره } بأمر سليمان { إلى الأرض التي باركنا فيها } ، قيل : أرض الشام بارك فيها الخصب لأنها مكان الأنبياء وكانت الريح تسير به إلى الغداة سير شهر وفي الرواح كذلك ، وكان يسكن ببعلبك وبيتاً له ببيت المقدس فيحتاج إلى الخروج إليها أو إلى غيرها ، وعن وهب : كان سليمان يخرج إلى مجلسه فيعكف له الطير ويقومن له الانس والجن حتى يجلس على سريره ، ويجتمع معه جنوده وما يحتاج إليه من الآلات ثم تحمله الرياح إلى حيث أراد { وكنَّا بكل شيء عالمين } فنفعل ما فعلنا لما رأينا من المصلحة { ومن الشياطين من يغوصون له } أي سخرنا من الشياطين من يغوصون له تحت الماء في البحار فيخرجون الجواهر واللآلئ { ويعملون عملاً دون ذلك } مثل بناء المدائن والقصور واختراع الصنائع العجيبة كما { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } [ سبأ : 13 ] { وكنَّا لهم حافظين } والله حافظهم أن يزيغوا عن أمره أو يبدلوا أو يغيّروا أو يؤخذ منهم فساد فيما هم فيه .