Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 67-76)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لكل أمة جعلنا منسكاً } يعني جعلنا لكل قوم شريعة كما جعلنا لك ولأمتك وليس أمرك ببدع ، وقيل : أراد جميع العبادات { فلا ينازعنك في الأمر } قيل : نهي لهم عن منازعته ، وقيل : نهي له لأن المنازعة تكون بين اثنين ، وقيل : المنازعة قولهم أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله ؟ وهي الميتة التي قتلها الله تعالى ، يعني فلا يخاصمنك في أمر الذبح ، وقيل : المنازعة في نسخ أمر الشريعة ، أي ليس لهم أن ينازعوك في شريعتهم ، وقيل : نسخت هذه الشريعة شريعة من تقدم { وادع إلى ربك } أي لا تلتفت إلى منازعتهم وادع إلى توحيد ربك ودينك { إنك لعلى هدى مستقيم } { وإن جادلوك } قيل : على سبيل المراء والتعتب بعد لزوم الحجة كما يفعله السفهاء فلا تجادلهم وادفعهم بهذا القول { فقل الله أعلم بما تعملون } { الله يحكم بينهم يوم القيامة } أي يفصل بين المحق والمبطل { فيما كنتم فيه تختلفون } من الدين ، فتعرفون الحق من الباطل ضرورة ، قوله تعالى : { ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض } استفهام والمراد التقرير تسلية للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { إن ذلك في كتاب } قيل : الكتاب الحفظ ، أي تعلمونه محفوظ للجزاء لأن العادة جرت بأن الأشياء تحفظ بالكتب ، وقيل : في كتاب في اللوح المحفوظ كتبه لطفاً للملائكة { إن ذلك على الله يسير } يعني حفظه وعلمه يسير عليه لما قدَّم أدلة التوحيد بين أن ما هم عليه لاحجة فيه فقال سبحانه : { ويعبدون من دون الله } يعني الأصنام { ما لم ينزّل به سلطاناً } أي حجة ، يعني أنهم عبدوها من غير حجة { وما ليس لهم به علم } يعني كما لا دليل لهم على ذلك فلا علم لهم بذلك أيضاً إنهم آلهة لأن الإِنسان قد يعلم الأشياء من غير دليل كالضروريات ونحو وجوب الشكر وقبح الظلم { وما للظالمين من نصير } قال جار الله : ويعبدون ما لم يتمسكوا في صحة عبادته ببرهان سماوي من جهة الوحي ، ولا ألجأهم إليها علم ضروريٌ ، ولا حملهم عليها دليلٌ عقليٌ ، وما للذين ارتكبوا مثل هذا الظلم من أحد ينصرونهم ويصوّب مذهبهم { وإذا تتلى عليهم آياتنا } حجتنا المؤدية إلى الحق ، وقيل : القرآن { بيّنات } واضحات لم يتفكروا { تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر } يعني تبين في وجوههم الكراهة والعبوس { يكادون يسطون } يريدون البطش والقهر { بالذين يتلون عليهم آياتنا قل } يا محمد { أفأنبئكم بشرٍ من ذلكم } يعني بشر من غضبكم على التالين ، وقيل : أشد عليكم من سماع القرآن ، ثم فسّر فقال : { النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير } أي المرجع والمأوى ، ثم ضرب لهم مثلاً فقال : { يأيها الناس ضرب مثل } يعني جعل لهم تشبيهاً { فاستمعوا له } أي تدبروا وتفكروا { إن الذين تدعون من دون الله } يعني الأوثان { لن يخلقوا ذباباً } في صغره لأن أحداً لا يقدر على الجواهر والأجسام ولا على الحياة غيره تعالى : { ولو اجتمعوا له } يعني لو اجتمع الأصنام لم يقدروا على خلق ذباب { وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه } يعني لو سلب الذباب على الأصنام شيئاً مما عليهم ما قدروا على تخليصه ، قال جار الله : وهذا ما أنزل الله على تجهيل قريش واستركاك عقولهم حيث وصفوا الأصنام بالإِلهية وهذا الخلق الأقل الأذل لو اختطف منهم شيئاً واجتمعوا على أن يتخلصوه لم يقدروا ، وقوله : { ضعف الطالب والمطلوب } كالتسوية بينهم وبين الذباب في الضعف ولو حققت وجدت الطالب أضعف وأضعف لأن الذباب حيوان وهو جماد وغالبٌ وذلك مغلوبٌ ، وعن ابن عباس : أنهم كانوا يطلونها بالزعفران ورؤوسها بالعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله ، وقيل : الطالب الذباب والمطلوب الصنم سمي ضعيف العابد والمعبود { ما قدروا الله حق قدره } أي ما عرفوه حق معرفته حتى لا يسموا باسمه تعالى من هو منسلخ عن صفاته ، يعني ما عظموه حق تعظيمه حيث جعلوا الملائكة والأنبياء أولاداً له تعالى عما يقولون وهو اصطفاهم واختارهم لرسالته { يعلم ما بين أيديهم } الآخرة { وما خلفهم } الدنيا ، وقيل : يعلم ما مضى قبل خلق الملائكة وما يكون بعد خلقهم { وإلى الله ترجع الأمور } إلى حكمه يصير الأمر .