Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 39-42)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة } الآية ، البقيعة يعني البقاع ، وقيل : هي الأرض المستوية { يحسبه الظمآن ماءً } العطشان ، يعني : { إذا جاءه } جاء موضع الشراب ، وقيل : جاء ما قدره لم يجده شيئاً ، أي لم يجد ما قدر ، فزادت حيرته ، سنّة ما يعمله من لا يعتقد الايمان ولا يتبع الحق من الأعمال الصالحة التي يحسبها تنفعه عند الله وتنجيه من عذابه ثم يخيب أمله في الآخرة ويلقاه خلاف ما قدر ، كسراب يراه الكافر بالساهرة وقد غلبه عطش يوم القيامة يحسبه ماء ، فيأتيه فلا يجد ما رجاه ويجد زبانية الله عنده فأخذوه وعتلوه إلى جهنم فسقوه الحميم والغساق ، وهم الذين قال الله فيهم : { عاملة ناصبة } [ الغاشية : 3 ] { ووجد الله عنده } يعني : حفظ الله عليه عمله ، وقيل : وجد الله عند ذلك بالمرصاد { فوفاه حسابه } جزاؤه { والله سريع الحساب } لأنه لا يشغله حساب عن حساب { أو كظلمات } وذلك مثلاً آخر ، يعني مثلهم ومثل أعمالهم وفسادها كظلمات { في بحر لجي } وهو البحر العميق ، ولجّة البحر معظمه ، وإنما ضرب المثل لراكبه من هذا صفة { يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض } فالظلمات ، ظلمة البحر ، وظلمة السحاب ، وظلمة الليل ، وظلمة الموج ، فشبه الكافر في جهله وكفره بمن هذا حاله ظلمة ، واعتقاده ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى النار ظلمة ، وقيل : الكافر يتقلب في خمس ظلمات : كلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة { إذا أخرج يده لم يكد يراها } يعني إذا أخرج الناظر يده لم يكد يراها ، وقيل : لم يراها ولم يقرب من أن يراها { ومن لم يجعل الله له نوراً } أي من لم يجعل له فرجاً ونجاة { فما له من نور } في القيامة { ألم تر } ألم تعلم { أن الله يسبح له ما في السماوات والأرض والطير } قوله تعالى : { صافّات } أما من في السماوات فهو عام والأرض خصوص في المؤمنين ، وقيل : أراد تنزيهه بما يدل عليه خلقه ، فما من شيء إلاَّ يدل على إثباته وإثبات صفاته ، وتنزيهه وكذلك الطير { كلّ قد علم صلاته وتسبيحه } قيل : الصلاة للإنسان والتسبيح ، واختلفوا إلى من يعود الضمير في قوله : { علم } قيل : علم الله صلاته وتسبيحه ، وقيل : يصلي منهم صلاة نفسه وتسبيحه ، وقيل : كل منهم علم صلاة الله وتسبيحه ، قال جار الله : لا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها ، والصلاة الدعاء { والله عليم بما يفعلون } فيجازيهم .