Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 43-50)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ألم تر أن الله يزجي سحاباً } أي يسوقه إلى حيث يريد ، ومنه البضاعة المزجاة أي يزجيها كل أحد لا يرضاها { ثم يؤلف بينه } أي يضم ويجمع بين قطع السحاب المتفرقة { ثم يجعله ركاماً } أي متراكماً { فترى الودق يخرج من خلاله } من وسطه { وينزل من السماء من جبال فيها من برد } قيل : ذلك جبال في السماء من برد ، وقيل : أراد بالسماء المعروفة فيها جبال البرد ، وروي أنه ينزل البرد والمطر من السماء إلى السحاب ، ثم ينزل إلى الأرض ، وقيل : بل يخلق في السحاب حالاً بعد حال إن شاء المطر وإن شاء البر ، قال جار الله : فإن قلت : متى رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تسبيح من في السماء ودعاءهم ، وتسبيح الطير ودعاءهم ، وينزل المطر من جبال برد في السماء حتى قيل له : ألم تر ؟ قلتُ له : علم من جهة الله اخبار الله بذلك على طريق الوحي { فيصيب به } البرد { من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار } أي ضوء برقه ، وقيل : لمعان برقه لشدة ضوئه { يقلب الله الليل والنهار } يصرفهما في اختلافهما وتعاقبهما ، وقيل : بالطول والقصر بإدخال أحدهما في الآخر ، وقيل : بالحر والبرد ، وقيل : بالظلمة { إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } لذوي العقول لأنهم المكلفون الذين يمكنهم النظر { والله خلق كل دابة } أي كل حيوان { من ماء } من نطفة ، وقيل : من ماء لأن أصل الخلق الماء ، ثم قلب بعد الماء فجعلها ريحاً فخلق منه الملائكة وبعضه نار فخلق منه الجن ، وبعضه إلى الطين فخلق منه آدم ، وقيل : المراد كثرة الدواب لأن من الحيوانات من خلقه من التراب والرياح { فمنهم من يمشي على بطنه } كالحية والحوت والديدان ، فإن قلت : لم سمي الزحف على البطن مشي ؟ قلتُ : على سبيل الاستعارة كما يقال : فلان يمشي له أمرٌ { ومنهم من يمشي على رجلين } كالجن والإِنس والطيور { ومنهم من يمشي على أربع } كالأنعام والوحوش والسباع ، وقيل : في قوله : { يخلق الله ما يشاء } تبينة على أن فيها أكثر من ذلك { إن الله على كل شيء قدير } قوله تعالى : { لقد أنزلنا آيات } دلالات ، هو القرآن وسائر الأدلة { مبينات } واضحات { والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } ، وقيل : يهدي إلى طريق الجنة من يشاء وهم المؤمنون { ويقولون آمنا بالله وبالرسول } الآية نزلت في المنافقين وذلك أنهم يدَّعون بألسنتهم الايمان والطاعة { ثم يتولى فريق منهم } جماعة يعرضون على حكم الله وهم المنافقون { من بعد ذلك } أي من بعد أن أقروا بألسنتهم { وما أولئك بالمؤمنين } في الحقيقة { وإذا دعوا إلى الله } أي إلى كتابه وحكمه وشريعته ورسوله ، أي وإلى رسوله { ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق } يعني إذا علموا أن الحق لهم أتوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { مذعنين } مطيعين منقادين { أفي قلوبهم مرض } شك ونفاق في نبوتك { أم ارتابوا } أي شكوا { أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } أي يظلمهم ويجور عليهم ، وقيل : يخافون أن يميل الرسول في الحكم { بل أولئك هم الظالمون } لأنفسهم حيث أعرضوا عن حكم الله وحكم رسوله ، أو هم الظالمون لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث ظنوا أنه يحيف .