Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 12-14)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولسليمان الريح } أي وسخرنا لسليمان { غدّوها شهر } أي سيرتها في غدوها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر ، وكذلك رواحها مسيرة شهر كل يوم مسيرة شهرين { وأسلنا له عين القطر } عين النحاس ، وقيل : سيل في الشهر ثلاثة أيام ، وروي أنه سال في اليمن { ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه } أي من الجن من سخرنا له بأمر الله { ومن يزغ منهم } ومن يعدل { عن أمرنا } الذي أمرنا به { نذقه من عذاب السعير } عذاب الآخرة ، وروي أنه كان معه ملك بيده سوط من نار كلما استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجني { يعملون له ما يشاء من محاريب } المساكن والمجالس الشريفة ، وقيل : هي المساجد { وتماثيل } صور الملائكة والنبيين والصالحين ، وكانت تعمل المحاريب من نحاس وصفر وزجاج ورخام ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وكانت جائز في شريعته { وجفان } هي القصاع الكبار الذي يوكل فيه { كالجواب } قيل : الحياض ، وقيل : كحياض الابل ، وقيل : كان يجمع على كل جفنة ألف رجل { وقدور راسيات } ثابتات لا تحمل عن مكانها ، وقيل : كانت عظيمة كالجبال { اعملوا آل داوود شكراً } يعني اشكروا الله على هذه النعمة { وقليل من عبادي الشكور } يعني المؤمنين الذي يشكر الله قليل { فلما قضينا عليه الموت } أوجبنا عليه الموت على سليمان { ما دلهم على موته } أي ما دل الجن على موت سليمان { إلا دابة الأرض تأكل منسأته } أي عصاه { فلما خرّ } سقط { تبيّنت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } وقرأ ابن مسعود : تبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ، وروي أنه كان من عبادة سليمان أن يعتكف في بيت المقدس المدد الطوال ، فلما دنا أجله لم يصبح إلاَّ رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله سبحانه فسألها لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا ، حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة ، فسألها فقالت : نبتّ لخراب هذا المسجد ، فقال : ما كان الله ليخربه وأنا حيٌ أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس ، فنزعها وغرسها في حائط له وقال : اللهم عمّ على الجن موتي حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب ، وقال لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني ، فقال : أمرت بك وقد بقي من عمرك ساعة ، فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب ، وقام يصلي متكئاً على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها ، فمر به شيطان فلم يسمع صوته ، فنظر فإذا سليمان قد خرّ ميتاً ، ففتحوا عليه فإذا العصا قد أكلتها الأرضة ، وأرادوا أن يعرفوا ذلك فوضعوا الأرض على العصا فأكلت منها يوم وليلة مقداراً فحسبوه فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حيّاً ، فأيقن الناس أنهم لو علموا الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة ، وروي أن سليمان ملك الأمر وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، فبقي في ملكه أربعين سنة ، ثم ذكر ما أنعم به على سبأ وكانوا بنعمة ، وروي أن الله بعث اليهم ثلاثة عشر نبياً يدعونهم إلى الله تعالى ويذكرونهم نعمته عليهم فكذبوهم .