Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 15-21)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لقد كان لسبأ } قيل : حي باليمن ، وقيل : أرض باليمن ، وقيل : كان رجل من العرب { في مسكنهم } بلدهم { آية جنتان } حجة على وحدانيته وقدرته { عن يمين وشمال } عن يمين البلد وشمالها { كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور } { فأعرضوا } عن أمر الله { فأرسلنا عليهم سيل العرم } السيل الماء الجاري الكثير ، واختلفوا في العرم قيل : أن بلقيس الملكة سدت ما بين الجبلين بالصخر ، فحقنت فيهما العيون والأمطار وتركت فيه حروقاً على مقدار ما يحتاجون إليه في سقيهم ، وقيل : العرم اسم الوادي ، وقيل : الخرق بقيّة العرم الذي بين السد من أسفله فسال منه الماء فخرب الجنان ، وقيل : هو صفة السيل يعني سيل شديد { وبدّلناهم بجنتيهم جنتين } سماهما جنتين توسعاً { ذواتى أكل خمط } قيل : هو كل شجرة ذي شوك ، وقيل : الخمط الاراك لا أكل له ، و { وأثل } قيل : الاثل الخشب { وشيء من سدر قليل } قال قتادة : كان شجرهم خير شجر فصيره الله شر شجر لسوء أعمالهم { ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور } يعني هل يعاقب بمثل ذلك العقاب إلا الكفار { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها } قيل : هي الشام ، وقيل : هي بيت المقدس { قرى ظاهرة } وقيل : كان بين اليمن والشام قرى متصلة يرى بعضها من بعض ، وقيل : قرى صنعاء عن وهب { وقدّرنا فيها السير } أي قلنا لهم : { سيروا } وهي إباحة وليس بأمر { فيها } أي في القرى { ليالي وأياماً آمنين } يعني أي وقت شئتم ليلاً أو نهاراً ، آمنين لا يخافون جوعاً ولا عطشاً ولا ظمأ من أحد ولا يحتاجون إلى زاد ، وذلك أن القوم كانوا يسيرون فيها ليالي وآياماً آمنين لا يخافون وإن تطاولت مدة سفرهم فيها وامتدت أياماً وليالي ، أو سيروا فيها لياليكم وأيامكم مدة أعماركم فإنكم في كل حين وزمان لا تلقون فيها الأمان { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } وبعّدنا ربنا على الدعاء ، بطروا النعمة وشموا من طيب العيش وكَلّوا العافية فطلبوا الكد والتعب ، كما طلبت بنو إسرائيل البصل والثوم مكان المن والسلوى وقالوا : لو كان حسابنا كان أجدر أن نشتهيه ، وتمنوا أن يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز ليركبوا الرواحل فيها ويتزودوا الأزواد فجعل الله لهم الإِجابة { وظلموا أنفسهم } بالكفر والمعاصي { فجعلناهم أحاديث } يتحدث الناس بهم وتعجبوا من أحوالهم { ومزّقناهم كل ممزق } وفرقناهم تفريقاً ، قيل : أهلكناهم بعذاب الاستئصال فتمزقت أجسادهم ، وروي أنهم أهلكوا بالجوع والعطش { إن في ذلك } أي فيما تقدم { لآيات لكل صبَّار شكور } { ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه فاتبعوه } قيل : ظن ذلك عند اخبار الله والملائكة أنه يجعل فيها من يفسد فيها ، وقيل : إنه حين وجد آدم ضعيف العزم قد أصغى إلى وسوسته قال : إن ذريته أضعف عزماً منه ، فظن بهم اتباعهم وقال : لأضلنهم ولأغوينهم ، فلما دعاهم أجابوه صدق ظنه فيهم ، والضمير في عليهم واتبعوه اما لأهل سبأ أو لبني آدم { إلا فريقاً من المؤمنين } عملوا بما أمر الله { وما كان له عليهم من سلطان } من تسليط سيف ولكن دعاهم إلى ما وافق هداهم فأجابوه { الا لنعلم } بمعنى لكن التخلية بينكم وبينه ليظهر المعلوم ممن تبعه وممن لا يتبعه { من يؤمن بالآخرة } قيل : ليتميز من يؤمن بالآخرة ويرد دعوة إبليس ، وقيل : العلم بمعنى الرويّة أي ليرى المؤمنين ويميزه ممن ليس بمؤمن { ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ } أي حافظ يحفظ عليهم ليجازيهم على أفعالهم .