Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 54-74)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال هذا المؤمن : { هل أنتم مطلعون } إلى النار لأريكم ذلك القرين { فاطلع } هذا المؤمن فرأى قرينه { في سواء الجحيم } في وسط النار ، وقيل : القائل الله عز وجل ، وقيل : بعض الملائكة تقول لأهل الجنة : هل تحبون أن تطلعون ؟ { قال تالله إن كدت لتردين } { ولولا نعمة ربي } أي ما أنعم به علي من اللطف والهداية { لكنت من المحضرين } في النار كما حضرت في النار ثم زاد في التوبيخ فقال : { أفما نحن بميتين } { إلاّ موتتنا الأولى } في الدنيا { إن هذا لهو الفوز العظيم } { لمثل هذا فليعمل العاملون } يعني مثل هذا الثواب والفوز { أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم } ، قيل : لما نزلت هذه الآية قالت صناديد قريش : كيف يكون في النار شجر والنار تحرق الشجر ؟ وقال ابن الزبعرى : قال لهم : أن محمداً يخوفنا بالزقوم ، فأدخلهم أبو جهل بيته وقال : يا جارية زقمينا ، فأتاهم بالزبد والتمر فقال : تزقموا فهذا ما وعدكم محمد ، أذلك خير يعني هذا الذي ذكرناه أم نعيم الجنة { أم شجرة الزقوم } في النار { إنا جعلناها فتنة للظالمين } أي تلك الشجرة محنة وعذاباً لهم في الآخرة ، وروي نابتة لهم { في أصل الجحيم } { طلعها } أي ثمرها { كأنه رؤوس الشياطين } وروي أنه شبّه برأس حيَّة تسمى شيطانا عند العرب كريهة المنظر ، قال الحسن : أصلها في قعر الجحيم وأغصانها في الدركات ، والطلع النخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم ، وشبّه برأس الشياطين دلالة على تناهيه في الكراهة وقبح المنظر لأن الشيطان مكروه ومستقبح في طباع الناس ، لاعتقادهم أنه شر فيقولون في القبيح الصورة كأنه وجه شيطان ، كأنه رأس شيطان ، وقيل : أنه شبّه بنبت يعرف برؤوس الشياطين وهي شجرة قبيحة { فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون } لما يغلبهم من الجوع الشديد ، أو يقسرون على أكلها وان كرهوا ليكون باباً من العذاب ، فإذا عطشوا غلبهم العطش فيسقون شراباً من غساق { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } خلطاً ومزاجاً ، والشوب خلط الشيء بما ليس منه وهو شر منه يشربه ، وقيل : شراب من حميم أي من ماء حار { ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم } ، قيل : يكونون بمعزل من النار عند شراب الزقوم فيعذبون ثم يصيرون إلى النار { إنهم ألفوا آباءهم ضالين } أي وجدوا آباءهم ضالين عن الحق { فهم على آثارهم يهرعون } أي آثار آبائهم إلى النار ، وقيل : قد رأوا آباءهم في الشرك وأسرعوا فيه تقليداً { ولقد ضلّ قبلهم } قبل قريش { أكثر الأولين } { ولقد أرسلنا فيهم منذرين } أنبياء حذروهم العواقب { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } الذين أنذروا وحذروا أي أهلكوا جميعاً { إلاَّ عباد الله المخلصين } الذين آمنوا وأخلصوا دينهم لله .