Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 75-97)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولقد نادانا نوح } يعني لما آيس من إيمان قومه دعى الله { فلنعم المجيبون } يعني أنه أسرع بالإِجابة { ونجيناه وأهله } وهم المؤمنون { من الكرب العظيم } ، قيل : من أذى قومه ، وقيل : هو الغرق { وجعلنا ذريته هم الباقين } بعد الغرق { وتركنا عليه في الآخرين } من الأمم هذه الكلمة وهي : { سلام على نوح في العالمين } { إنَّا كذلك نجزي المحسنين } نكافئهم بإحسانهم { إنه من عبادنا المؤمنين } { ثم أغرقنا الآخرين } يعني كفار قومه { وإن من شيعته لإِبراهيم } أي على منهاج نوح وهو ممن شايعه على أصول الدين وإن اختلفت شرائعهما ، ويجوز أن بين شريعتهما اتفاق في أكثر الأشياء ، وعن ابن عباس : من أهل دينه وسنته ، وما كان بين نوح وإبراهيم إلاَّ نبيان هود وصالح ( عليهم السلام ) وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة { إذ جاء ربه بقلب سليم } من جميع آفات القلوب ، وقيل : من الشرك ، ولا معنى للتخصيص لأنه مطلق { إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } فأراد به التوبيخ لعلمه بأنهم يعبدون الأصنام { أئفكاً آلهة دون الله تريدون } { فما ظنكم برب العالمين } يعني فما ظنكم بمن هو الحقيق بالعبادة ؟ لأن من كان رباً للعالمين استحق عليكم أن تعبدوه حتى تركتم عبادته إلى عبادة الأصنام ، أو فما ظنكم به أي شيء هو من الأشياء حتى جعلتم الأصنام له أنداداً ، فما ظنكم بذلك ؟ { فنظر نظرة في النجوم } في علم النجوم ، أو في كتابها ، أو في أحكامها { فقال إني سقيم } أي مشارف للسقم وهو الطاعون ، وكان أغلب الأسقام عليهم ، وقيل : سقيم بما أرى من أحوالكم القبيحة ، في عبادة غير الله ، وقيل : مات رجل فالتفت عليه الناس فقالوا : مات وهو صحيح ، فقال الاعرابي : أصحيح من الموت في عنقه ؟ وروي عن ابن عباس وجماعة أنه كان لهم عيدٌ وكانوا يقربون للأصنام قبل الخروج وإذا رجعوا أكلوه فدعوه ليأكل معهم { فقال إني سقيم } فتركوه { فتولوا عنه مدبرين } معرضين مولين { فراغ إلى آلهتهم } أي مال على رغمهم ، قيل : كانت اثنين وسبعين صنماً أكثرهم من ذهب { فقال ألا تأكلون } { ما لكم لا تنطقون } استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها { فراغ عليهم ضرباً باليمين } ضرباً قوياً شديداً ، وقيل : بسبب الحلف وهو قوله : { وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } [ الأنبياء : 57 ] { فأقبلوا إليه يزفون } يسرعون من عيدهم إلى ابراهيم ، وقيل : إلى بيت الأصنام بعد الفراغ من عيدهم وقالوا : أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟ فأجابهم ، و { قال أتعبدون ما تنحتون } يعني كيف ترضون لأنفسكم أن تنحتون صنماً من خشب تعبدونه { والله خلقكم وما تعملون } يعني خلقكم وما تعملون من الأصنام ، ولم يرد الأعمال ، لأن المعبود هي الأصنام دون عملهم ، ولأنه احتج عليهم ، والعجب من المجبرة كيف هم يحرفون ، { قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم } النار الشديدة الوقود ، وقيل : كل نار على نار وجمر فوق جمر فهو جحيم ، وذلك أن القوم لما عجزوا عن الحجة عدلوا إلى الوعيد تلبيساً على العوام .