Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 56-66)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أن تقول نفس } كراهة أن تقول نفس { يا حسرتا على ما فرّطت } قصّرت في طاعة الله { وإن كنت لمن الساخرين } لمن المستهزئين بالنبي وبالكتاب ، وقيل : لمن الساخرين لمن يدعوني إلى الايمان ، وروي في الحاكم : عن الحسن : أن هذه الآية نزلت في المجبرة ، وروي أن الشيطان يقال له : لِمَ لمْ تسجد لآدم وعصيت الله ؟ فقال كان ذلك بقضاء الله وقدره ، فيقال له : كذبت ، فيقول : لي على ذلك شهود ، فينادي أين شهود الشيطان وخصماء الرحمان ؟ فتقوم طائفة من هذه الأمة يشهدون بذلك ، فيخرج من أفواههم دخان أسود وتسوّد وجوههم ، ويدل عليه أنه ورد عقيب قوله : { لو أن الله هداني لكنت من المتقين } وهذا مذهب المجبرة ، وقيل : الآية عامة في المجبرة والمشبهة وكل من يكذب على الله ، وروي أنه كان في بني اسرائيل عالم ترك علمه وفسق ، أتاه ابليس فقال : تمتع من الدنيا ثم تب فأطاعه ، وكان له مال فأنفقه في الفجور فأتاه ملك الموت في الذّ ما كان فقال : { يا حسرتا على ما فرَّطت في جنب الله } ذهب عمري في طاعة الشيطان وسخط الله فندم حين لم ينفعه الندم فأنزل الله خبره في القرآن { أو تقول لو أن الله هداني } لا يخلو إما أن يريد به الهداية بالالجاء أو بالإِلطاف أو بالوحي ، فالإِلجاء خارج من الحكمة ولم يكن من أهل اللطف ، وأما الوحي فقد كان ولكنه أعرض عنه ولم يتبعه ، وإنما يقول هذا محيراً في أمره { أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة } أي رجعة في الدنيا { فأكون من المحسنين } ، وقوله : { بلى قد جاءتك آياتي } رد من الله عليه ، معناه بلى قد هديت بالوحي فكذبت به { واستكبرت } في قولك وآثرت الكفر على الإِيمان والضلالة على الهدى { وكنت من الكافرين } { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله } بإضافة الولد اليه والتشبيه بخلقه { وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوىً } مقام { للمتكبرين } { وينجي الله الذين اتقوا } أي خلص من يتقي معاصيه { بمفازتهم } من العذاب ، قيل : بأعمالهم الحسنة { لا يمسّهم السوء } أي لا يصيبهم مكروه { ولا هم يحزنون } { الله خالق كل شيء } يعني محدثه ومبتدعه على حسب إرادتي ، { وهو على كل شيء وكيل } أي حافظ { له مقاليد السماوات والأرض } أي هو مالك أمرهما وحافظهما وهو باب من الكناية لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرهما هو الذي يملك مقاليدها ، ومنه قوله في فلان : ألقيت اليه مقاليد الملك وهي المفتاح ، وقيل : الخزائن ، وقيل : مفاتيح وهي عبارة عن النعم لأنها تكون مخزونة ولها مفاتيح { والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون } خسروا أنفسهم بأن فوتوها الجنة { قل } لهؤلاء الكفار { أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون } نزلت الآية في المشركين دعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى دين الآباء ، يعني تدعونني إلى من لا يستحق العبادة وهي الأصنام { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك } من الأنبياء ، وقيل : من الأمم على لسان الأنبياء { لئن أشركت ليحبطن عملك } ، قيل : ذكر النبي والمراد غيره ، وقيل : أراد المبالغة والزجر عن الشرك { ولتكونن من الخاسرين } من جملة الخاسرين الذين خسروا أنفسهم { بل الله فاعبد } لأنه يستحق العبادة { وكن من الشاكرين } النعمة دنيا وديناً .