Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 9-16)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً } الآية نزلت في عمار بن ياسر ، وفيه نزل : { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ الزمر : 9 ] أبو حذيفة بن المغيرة ، قانت أي دائم على طاعة الله ، وقيل : القنوت قراءة القرآن وقيام الليل ، وقوله ( عليه السلام ) : " أفضل الصلاة صلاة القنوت " وهو القيام فيها ، ومنه القنوت في الوتر لأنه دعاء المصلي { آناء الليل } ساعته { ساجداً وقائماً يحذر الآخرة } أي عذاب الآخرة { ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي هل يستوي العالم والجاهل ، أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون كذلك لا يستوي القانتون والعاصون { إنما يتذكر أولو الألباب } أي يستعمل عقله { قل يا عبادِ الذين آمنوا اتقوا ربكم } أي احذروا نقمته في مخالفة أمره { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة } معناه الذين أحسنوا في هذه الدنيا لهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة ، وقيل : الاحسان على ضربين : إحسان إلى الغير بالانعام عليه والدعاء إلى الدين ، وإحسان بأن يطيع الله بما كلّفه ، والحسنة على ضربين : في الدنيا بالمدح ، وحسنة في الآخرة بالثواب الجزيل { وأرض الله واسعةٌ } أي الدنيا واسعة هاجروا عن دار الشرك حتى إذا اعتلوا بأوطانهم وبلادهم ، وإنهم لا يتوفرون على الاحسان قيل لهم : فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة فلا يحتموا على العجز وتحوّلوا إلى بلاد أخرى واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحساناً إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم ، وقيل : هي أرض الجنة فاطلبوها بالأعمال الصالحة { إنما يوفى الصابرون } الذين صبروا على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرهما من تجرع الغصص واحتمال البلايا في طاعة وازدياد الخير { أجرهم بغير حساب } لا يحاسبون عليه ، وقيل : بغير مكيال وغير ميزان وهذا تمثيل للكثير ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الزكاة فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتي بأهل الحج فيعطون كذلك ، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزاناً ولا ينشر لهم ديوان حتى يتمنى أهل العافية أن أجسادهم كانت تقصّ بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل " { قل إني أمرت } بإخلاص الدين { وأمرت } بذلك لأجل { أن أكون أول المسلمين } أي مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة فمن أخلص دينه كان سابقاً لأنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أول من خالف دين آبائه { قل إني أخاف إن عَصَيت ربي } فاحذروا أنتم معصيتةِ { عذاب يوم عظيم } { قل الله اعبد مخلصاً له ديني } فلا أعبد معه شيئاً { فاعبدوا ما شئتم من دونه } فستجدون جزاءه { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم } لوقوعها في الهلكة لا هلكة بعدها { و } خسروا { أهليهم } لأنهم كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم ، وإن كانوا من أهل الجنة فقد ذهبوا ذهاباً لا رجوع بعده ، وقيل : خسروهم لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة ، يعني وخسروا أهليهم الذين كانوا يكنوا لهم أهلٌ لو آمنوا ، ولقد وصف الله خسرانهم بغاية الفظاعة في قوله : { ألا ذلك هو الخسران المبين } { لهم من فوقهم ظلل من النار } سرادقات وأطباق من النار { ومن تحتهم } أطباق من النار { ذلك } يعني العذاب المذكور { يخوف الله به عباده } أي يخوفهم فعل المعاصي { يا عبادِ فاتقون } أي اتقوا معاصي الله .