Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 24-29)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فلما رأوه } الضمير يرجع إلى العذاب { عارضاً } ، قيل : سحاباً ، وقيل : عذاباً ، ساق الله اليهم سحابة سوداء وكان حبس عنهم المطر فلما رأوها { مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا } استبشروا وقالوا : هذا غيث ممطرنا { بل هو ما استعجلتم به ريح } ، قيل : هو كلام هود ، وقيل : هو كلام على سبيل الحكاية { تدمّر كل شيء بأمر ربّها } أي تهلك من نفر من عاد وأموالهم الجمّ الكثير { فأصبحوا لا يرى } الخطاب للرأي من كان ، وقرئ لا يرى ، وقيل : اقتلعت الريح كل شيء منتصب ، وقيل : كانت ترفع الظعينة حتى ترى كأنها جرادة ، وقيل : أول من أبصر العذاب امرأة منهم قالت : ريحاً فيها كشهب ، وروي أول ما عرفوا أنه عذاب أنهم رأوه ما كان في الصحراء من رجالهم ومواشيهم تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم ، وأمال الله عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام ، ثم كشف الريح عنهم فاحتملتهم فطرحتهم في البحر ، وروي أن هوداً لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطاً إلى عين تنبع ، وعن ابن عباس : اعتزل هو ومن معه ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا رأى الريح فزع وقال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرِّها وشر ما أرسلت به " فلما ذكر هلاك قوم عاد وعظ قوم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وحذرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك فقال سبحانه : { ولقد مكَّناهم فيما ان مكناكم فيه } التخلية والإِمهال ، أي لم يعاجلهم ، وقيل : وسعنا عليهم فيما إن مكناكم فيه كذلك مكناكم ، وقيل : فيما لم نمكنكم فيه ، وعن ابن عباس : يعني في طول الأعمار ، وقوة الأبدان ، وكثرة الأموال { وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة } يعني مع هذا التمكين أعطيناهم حواساً سليمة : أعيناً يبصرون بها ، وأذاناً يسمعون بها ، وقلوباً يتفكرون بها ، لينتفعوا بهذه الحواس { فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء } أي لم تغن عنهم من عذابه لما نزل بهم { إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم } أي حلَّ بهم { ما كانوا به يستهزئون } من الوعيد والعذاب { ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى } خطاب لأهل مكة مثل عاد وثمود أو أرض سدوم { وصرّفنا الآيات لعلّهم يرجعون } { فلولا نصرهم } أي هلا نصرهم عند نزول العذاب بهم { الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة } يعني الأصنام اتخذوها سبب يتقربون بها إلى الله على زعمهم { بل ضلّوا عنهم } أي ذهبوا عن نصرهم { وذلك إفكهم وما كانوا يفترون } ، قيل : كذبهم الذي كانوا يقولون ، ثم بيَّن تعالى أن في الجن مؤمناً وكافراً كما في الإِنس فقال سبحانه : { وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن } ، قيل : صرفهم اليه بالأمر ، أمرهم يصيروا اليه ، وقيل : صرفهم إليه بالألطاف ، وقيل : صرفهم إليه بالشهب ، فإنها لما كثرت في أيام الرسول وحرست السماء علم جماعةٌ من الجن أنه لأمرٌ عظيم فصرفوا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لطلب العلم فكان الشهب لطفاً للجن ، قيل : كانوا سبعة نفر فجعلهم رسلاً إلى قومهم ، وقيل : تسعة ، وقيل : من جن نصيبين من أشرافهم منهم زوبعة ، فقربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا إلى وادي نخلة ، فرأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو قائم في جوف الليل يصلي أو في صلاة الفجر فاستمعوا لقراءته ، وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم فلم يجيبوه إلى طلبته وأغروا به سفهاؤهم ، وقيل : بل " أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن ينذر الجن ويقرأ عليهم ، فصرف الله نفراً منهم جمعهم له فقال : " إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فمن يتبعني ؟ " قالها ثلاثاً ، فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود ( رضي الله عنه ) قال : لم يحضره ليلة الجن غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة في شعب الحجون فخط لي خطاً وقال : لا تخرج حتى أعود إليك ، ثم افتتح القراءة وسمعت صوتاً شديداً حتى خفت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغشيه أسودة كثيرة حالت حتى ما أسمع صوته ثم انقطعوا كقطع السحاب ، فقال لي رسول الله : " رأيت شيئاً ؟ " قلت : نعم رجالاً سوداً بثياب بيض ، فقال : " أولئك جن نصيبين وكانوا اثني عشر ألفاً " والسورة التي قرأها { إقرأ باسم ربك } [ العلق : 1 ] { فلما حضروه } للقرآن قالوا : { انصتوا } اسكتوا مستمعين { فلما قضى } تم قراءته وفرغ { ولوا إلى قومهم منذرين } .