Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 10-17)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إن الذين يبايعونك } الآية نزلت في أهل الحديبية ، قال جابر : كنا أهل الحديبية ألفاً وأربع مائة بايعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت الشجرة على الموت وعلى أن لا نفر ، فما نكث أحد منا البيعة إلا جدّ بن قيس ، فكان منافقاً اختبأ تحت ابط بعيره { يد الله فوق أيديهم } أي يد رسول الله التي تعلو يدي المنافقين هي يد الله ، والله تعالى منزهاً عن الجوارح وعن صفات الأجسام وإنما المعنى تقدير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله تعالى من غير تفاوت بينهما كقوله : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } والمراد بيعة الرضوان { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } أي يرجع وبال ذلك النكث عليه { ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً } { سيقول لك المخلفون من الأعراب } ، قيل : نزلت الآية في غفار وجهينة وأشجع وأسلم والذين تخلفوا عن الحديبية ، وذلك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أشعر الأعراب حول المدينة لما أرادوا الخروج إلى مكة معتمراً حذراً من قريش ، وأحرم وساق الهدي ليعلموا أنه لا يريد حرباً ، فتثاقل عنه كثير من الأعراب واعتلوا بالشغل فنزلت الآية ، وقيل : نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الحديبية اعتذروا بالمعاذير الكاذبة { شغلتنا أموالنا وأهلونا } يعني اشتغلنا بأمرهما وخفنا الضياع عليهما لو خرجنا معك { فاستغفر لنا } أي اطلب لنا المغفرة من الله فرد الله عليهم أنهم قالوا : { بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } من العذر وطلب الاستغفار { قل } يا محمد { فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً أو أراد بكم نفعاً } قيل : أراد خير الدنيا ونفعها { بل كان الله بما تعملون خبيراً } أي عالماً بأعمالكم { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً } قيل : أنهم ظنوا أنهم لا يرجعون من سفرهم لأن العدو يستأصلهم والله أعلم { وزين ذلك في قلوبكم } قيل : زينه الشيطان ، وقيل : زينه بعضهم لبعض { وكنتم قوماً بوراً } هالكين { ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيراً } { ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء } بشرط التوبة والايمان { ويعذّب من يشاء } بترك الايمان والطاعة والإِصرار على الكبائر { وكان الله غفوراً رحيماً } { سيقول المخلفون } ، قيل : عن الحديبية ، وقيل : عن تبوك { إذا انطلقتم إلى مغانم } خيبر على أنه في شأن الحديبية ، وقيل : غنائم مطلقة إذا ان المسلمين غالبون غانمون { لتأخذوها } أي تلك الغنائم { يريدون أن يبدلوا كلام الله } قيل : ما وعد الله أهل الحديبية أن الغنيمة [ غنيمة خ ] خيبر لهم خاصة ، وقيل : النفير كقوله : { لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً } [ التوبة : 83 ] عن الحسن وأبي علي فإذا خرجوا كان ذلك نبذاً لكلام الله تعالى : { كذلكم قال الله من قبل } أنكم لا تخرجون معنا { فسيقولون بل تحسدوننا } أن نصيب معكم من الغنائم { بل كانوا لا يفقهون إلاَّ قليلاً } يعني قالوا ذلك لجهلهم ولما نهاهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الخروج معه أمرهم بالخروج مع داع آخر فقال سبحانه : { قل } يا محمد { للمخلّفين من الأعراب } قيل : من تبوك عن أبي علي ، وقيل : عن الحديبية { ستدعون } اختلفوا في الداعي فقيل : هو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقيل : ان هذا لا يصح لما بيّنا من قوله : { لن تخرجوا معي أبداً } [ التوبة : 83 ] وعن قتادة : أنهم ثقيف وهوازن وكان ذلك في أيام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومعنى : { لن تخرجوا معي أبداً } [ التوبة : 83 ] ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين ، أو على قول مجاهد : كان الوعد أنهم لا يتبعون رسول الله إلا متطوعين لا نصيب لهم في المغنم ، وقيل : الداعي أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) دعا إلى حرب معاوية وحرب أهل البغي { أولي بأس شديد } ، قيل هوازن وغطفان يوم حنين ، وقيل : فارس والروم { تقاتلونهم أو يسلمون } يقرون بالاسلام ويقبلونه ، وقيل : ينقادون لكم { فإن تطيعوا } هذا الداعي { يؤتكم الله أجراً حسناً } وهي الجنة { وأن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً } قال ابن عباس : لما نزل قوله : { قل للمخلفين } قال أهل الزمان : كيف بنا يا رسول الله ؟ فنزلت : { ليس على الأعمى حرج } أي ضيق في التخلف عن الجهاد { ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } قال قتادة : هذا كله في الجهاد ، وقيل : نزل قوله : { ليس على الأعمى حرج } في ابن أم مكتوم { ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار } أي تجري الأنهار تحت أشجارها وأبنيتها { ومن يتول يعذبه عذاباً أليماً } .