Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 17-30)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذ يتلقّى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } وقد وكلهما الله تعالى علمه بأعمالهم ليكتب أعمالهم تأكيداً للحجة ولطفاً للخلق ، وقيل : الحفظة أربعة ملكان بالنهار وملكان بالليل ، وقيل : عن اليمين ملك يكتب الحسنات وعن الشمال ملك يكتب السيئات ، قعيد قاعد { ما يلفظ من قول إلاَّ لديه } أي ما يتكلم بشيء وخصّ القول لأنه أكثر لتعلق أمر الناس { إلا لديه رقيب عتيد } حاضر معه للزوم ذلك ، وقيل : يكتبان كل شيء ثم يطرح والمباحات ، وقيل : يكتبان ما فيه جزاء فإذا مات طويت الصحيفة ، وقيل : يوم القيامة { اقرأ كتابكَ كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } [ الإسراء : 14 ] ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ان مقعد مليكيك على ثنيتيك ، ولسانك قلمهما ، وريقك مدادهما ، وأنت تجري فيما لا يعنيك لا تستحيي من الله ولا منهما " ، وروي : " يكتبان كل شيء حتى أنينه في مرضه " وروي : " إذا عمل العبد حسنة يكتبها ملك اليمين عشراً وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر " وقيل : أن الملائكة يجتنبون عن غائط الإِنسان وجماعه { وجاءت سكرة الموت بالحق } سكرته الذاهبة بالعقل ، يعني وحضرت سكرة حقيقة الأمر الذي أنطق الله به كتبه وبعث به رسله { ذلك ما كنت منه تحيد } قيل : تهرب ، وقيل : تميل ، وقيل : تكره { ونفخ في الصور } قيل : ينفخ الروح في الأبدان والصوت ويحيون ، وقيل : هو قرن ينفخ فيه اسرافيل { ذلك يوم الوعيد } الذي وعدنا الله أن يعذبهم أو اليوم الذي يحق الوعيد على العصاة { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } ملك سائق يسوقها إلى المحشر ، وملك يشهد عليها بما عملت ، وقيل : هما الحافظان ، وملك جامع بين الأمرين { لقد كنت في غفلة من هذا } في قلة تدبير في الدنيا ، أي يقال له ذلك توبيخاً { فكشفنا عنك غطاءك } لأنه يرى ما يصير إليه { فبصرك اليوم حديد } قوي نافذ يرى كل ما كان محتوياً عليك { وقال قرينه } قال جار الله : هو الشيطان الذي كان يضله يشهد عليه ، وقيل : قرينه الملك الذي كان يصحبه في الدنيا يشهد عن الحسن رواه الحاكم ، وقيل : هم قرناء السوء { هذا ما لدي عتيد } أي يقول هذا الذي وكلتني به من بنى آدم أحضرته وأحضرت ديوان عمله هذا على أن القرين هو الملك { ألقيا } خطاب من الله للملكين السائق والشهيد { في جهنم كلّ كفار عنيد } ذاهب عن الحق { منّاع للخير } لكل واجب عليه من ماله ، والآية نزلت في الوليد بن المغيرة { معتد } ظالم { مريب } شاك في الحق في الدين { الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه في العذاب الشديد } { قال قرينه } يعني الشيطان الذي قرن بهذا الكافر وهول من الذنب عليه عن ابن عباس ، وقيل : قرينه من الإِنس وهم علماء السوء والرؤساء والمتبوعين ، وقيل : القرين هو الملك الشاهد أيضاً { ربنا ما أطغيته } أي أظللته ولا أوقعته في العصيان { ولكن } دعوته فأجاب وهذا قول الشيطان أو متبوع أهل الضلال ، وقيل : هذا قول الملك أي ما شهدت عليه بالطغيان { ولكن كان في ضلال } عن الحق ولما كثرت المخاصمة بين الشياطين وأتباعهم ، قال الله عز وجل : { لا تختصموا لدي } لأنهما مستوجبان بالعذاب { وقد قدّمت إليكم بالوعيد } قيل : قد قدمت من عمل سيئة يجزى بها ، وقوله : { لأملأن جهنم } [ الأعراف : 18 ] وفي القرآن وعلى ألسنة الرسل لأصحاب النار فإنه أخبرهم { ما يبدل القول لدي } أي ما يبدل وعدي ووعيدي { وما أنا بظلاَّم للعبيد } لا أعاقبهم بغير ذنب { يوم نقول لجهنم هل امتلأت } قيل : هذا خطاب لأصحاب النار أخبرهم أنه لما أوها بقوله : { لأملأنّ جهنم } [ الأعراف : 18 ] بحيث لا مزيد فيقول له يومئذ هل امتلأت ليقروا الصدق رسوله ، وقيل : بل خطاب لخزنة جهنم بأنها هل امتلأت فيقولون : بل لم يبق موضع لمزيد ليعلم صدق وعده ، وقيل : هذا اخبار من امتلاء جهنم بحيث لا مزيد ، وقيل : معناه لا مزيد ، وقيل : هذا مجاز كقوله : { قالتا أتينا طائعين } [ فصلت : 11 ] قيل : هم خزنة جهنم ، وقيل : أهل النار ويجوز أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها موضع لمزيد .