Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 22-27)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ما أصاب من مصيبة في الأرض } القحط وقلة الزرع والضرع والنبات ، والمصيبة في النفس الأمراض والعلل والموت { إلا في كتاب } في اللوح المحفوظ { من قبل أن نبرأها } يعني الأنفس والمصيبات { إن ذلك } أي تقدير ذلك وإثباته في كتاب { على الله يسير } وإن كان عسير على العباد ، ثم علل ذلك وبيَّن الحكمة فقال : { لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا } يعني أنكم إذا علمتم إن كل شيء مقدر مكتوبٌ عند الله قلّت إساءتكم على الفائت وفرحكم بالآتي ، وقيل : لأن ما فات ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن تحزن عليه وما بالها كلفت الشكر في الحقوق الواجبة { والله لا يحب كل مختال فخور } أي يتكبر بما أوتي فخور على الناس { الذين يبخلون } بمنع الواجبات { ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول } أعرض عما دعا الله إليه { فإن الله هو الغني الحميد } في جميع أفعاله { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } بالحجج { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان } وروي أن جبريل ( عليه السلام ) نزل بالميزان ودفعه إلى نوح ( عليه السلام ) وقال : مرْ قومكم أن يزنوا به ، وقيل : هو الميزان الذي يوزن به ، وقيل : المراد به العدل { وأنزلنا الحديد } قيل : نزل آدم ( عليه السلام ) ومعه خمسة أشياء من حديد الجنة : السندان والكلبتان والمنفعة والمطرقة والإِبرة ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الله تعالى أنزل من السماء أربع بركات من السماء إلى الأرض ، أنزل الحديد والنار والماء والملح " ، وعن الحسن : { وأنزلنا الحديد } خلقناه { فيه بأس شديد } وهو القتال به { ومنافع للناس } في مصالح ومعائشهم وصناعتهم فما من صناعة إلا والحديد أو ما يعمل بالحديد له فيها { وليعلم الله من ينصره } أي ليظهر المعلوم ليعلم الله وجود النصرة منهم في الحال ويظهر المعلوم نصره ، أي ينصر دينه وأولياءه { إن الله قوي عزيز } أي قادر لا يغالب { ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم } عطفاً على ما تقدم { وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم } أي من الذرية { مهتد } أي اتبع الحق { وكثير } من الذرية { فاسقون } { ثم قفينا على آثارهم } أي اتبعنا بالإِرسال على آثارهم ، أي بآثار الأنبياء { برسلنا } وأرسلنا رسولاً بعد رسول { وقفينا بعيسى ابن مريم } أي أرسلناه بعدهم { وآتيناه الإِنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة } أي اتبعوا عيسى في دينه ، والرأفة أشد الرحمة ، ومتى قيل : لما أضاف الرأفة والرحمة إلى نفسه ؟ قالوا : بالأمر والترتيب ووعد الثواب عليه ، لأنه أمرهم بالترحّم فأطاعوه ، وقيل : باللطف الذي قوّى دواعيهم فصارت قلوبهم بهذه الصفة ، وقيل : بالاختيار والتعريف كما يقال : فلان عدله القاضي ورعاه { ابتدعوها } أحدثوها { ما كتبناها عليهم } أي ما فرضناها عليهم تلك الرهبانية برفض النساء واتخاذ الصوامع ، وقيل : لحاقهم بالبراري والجبال ، وقيل : الانقطاع والانفراد بالعبادة { إلا ابتغاء رضوان الله } قيل : معناه ما كتبناه عليهم البتة لكن كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله ، وقيل : اتبعوا بتلك الرهبانية رضوان الله ، وقيل : ما كتبناها عليهم ولكن لما دخلوا فيها أوجبنا ذلك ابتغاء رضوان الله ، وقيل : الاستثناء منقطع ، أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فبدلوا ولم يفعلوا ما أمروا به { فما رعوها حق رعايتها } فيه قولان : إذا حملت الأمَّة على أنه لم كتب الرهبانيَّة عليهم اتباع الله فما رعوا ما كتب عليهم من أمر الدين والملة فيكون كناية عن غير مذكور ، وإذا حملت على أن الرهبانية طاعة فما رعوا تلك الرهبانية ، يعني ما حفظوا ذلك ، وقيل : فما رعوا حق رعايتها لكن كفروا بعيسى وتهودوا وتنصروا وشربوا الخمر وأكلوا الخنزير ، وقيل : فما رعوها لتكذيبهم بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن من آمن بمحمد فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن فأولئك هم الهالكون ، وقيل : اتخذوا الترهب والتزهد شوقاً ومكيدة ولم يتبعوا به رضى الله لمد هذه زماننا هذا { فآتينا الذين آمنوا منهم } يريد أهل الرأفة والرحمة { أجرهم } جزاء أعمالهم { وكثير منهم فاسقون } كافرون عاصون .