Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 12-20)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً } قيل : نزلت في الأغنياء كانوا يناجون النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيغلبون الفقراء ويكثرون الجلوس فكره النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك فنزلت ، وأمروا بالصدقة فانتهوا { ذلك } التقديم { خير لكم } في دينكم { وأطهر } لأن الصدقة طهره ، روي أن الناس أكثروا في مناجاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما يريدون فأمروا بأن من أراد أن يناجيه قدم في مناجاته صدقة ، " قال أمير المؤمنين : " لما نزلت دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ما تقول في دينار ؟ فقلت : لا يطيقونه ، قال : كم ؟ قلت : حبَّة أو شعيرة ، قال : إنك لزاهد ، فلما رأوا ذلك ارتدعوا وكفوا إما الفقراء فلعسره وإما الأغنياء فلشحهم " وقيل : كان ذلك عشر ليال ثم نسخ ، وعن علي : " إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحدٌ قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كنت إذا ناجيت تصدقت بدرهم " وعن ابن عمر : كانت لعلي ( رضوان الله عليه ) ثلاث لو كانت لي منهن واحدة كانت أحب إليَّ من حمر النعم : تزويجه فاطمة وإعطاءه الراية يوم خيبر وآية النجوى ، قيل : هي منسوخة بالزكاة ، وقيل بالآية التي بعدها { أأشفقتم } أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الانفاق الذي يكرهونه وإن { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء } { فإذ لم تفعلوا } ما أمرتم به وشق عليكم { وتاب الله عليكم } وعذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوا فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات { ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم } الآية نزلت في المنافقين تولوا اليهود ونقلوا اليهم أسرار المؤمنين ، وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي المنافق وكان يحضر مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويرفع حديثه إلى اليهود ، فإذا قيل له حلف وحَلف أصحابه فتولوا اليهود { غضب الله عليهم ما هم منكم } أيها المؤمنون { ولا منهم } يعني اليهود { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } قيل : يحلفون للنبي والمؤمنين أنهم منهم وهم يعلمون كذبهم { أعدّ الله لهم عذاباً شديداً } قيل : عذاب النار ، وقيل : عذاب القبر { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي بئس العمل عملهم وهو النفاق { اتخذوا أيمانهم } الكاذبة { جنةً } أي وقاية { فصدوا عن سبيل الله } أعرضوا عن الدين { فلهم عذاب مهين } { لن تغني عنهم } يوم القيامة { أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } { يوم يبعثهم الله جميعاً } من القبور أحياء { فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون } قيل : أنهم يحلفون أنهم لم يكونوا كفاراً من عند أنفسهم لأن دار الآخرة لا يمكنون فيها من الكذب ، وقيل : يحلفون في الآخرة أنهم كانوا في الدنيا من المؤمنين وظنوا أن ذلك يجوز إلا أنهم هم الكاذبون في أقوالهم وإيمانهم ، وعن ابن عباس : أن الآية نزلت في القدرية ثم قال : والله هم القدريون ، والله هم القدريون ، وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ينادي منادي يوم القيامة أين خصماء الله ؟ فيقوم القدرية مسودة وجوههم " وقد تقدم في سورة القمر أن القدرية هم المجبرة الذين يجعلون كل القبائح بقدره ، وقد بيّن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) تبياناً شافياً وفي هذا الخبر ما يدل على ذلك لأن خصماء الرحمان من يضيف جميع المعاصي والظلم إلى الله ، وهم الذين يشهدون لابليس بالبراءة ، وقد بيَّنا في قوله : { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة } [ الزمر : 60 ] انها في المجبرة { استحوذ عليهم الشيطان } أي غلب عليهم الشيطان فاستولى حتى تبعوه وتركوا أمر الله { فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان } قرناؤه وأتباعه { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } خسروا أنفسهم حيث أوثقوا لها { إن الذين يحادون الله ورسوله } أي يخالفونه وكانوا من حزب الشيطان وهم المنافقون { أولئك في الأذلين } في الجملة المتناهين في الذل والخزي فهم أذل خلق الله .