Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 93-97)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي : على الإيمان . وهو كقوله : { وَلَوْ شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاها } [ السجدة : 13 ] . وكقوله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [ يونس : 99 ] . { وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ } أي : بفعله { وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . قوله : { وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } أي : فتخونوا الله ولا تكملوا فرائضه . { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } أي : تزل إلى الكفر والنفاق بعد ما كانت على الإِيمان . فتزل إلى النار { وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وإذ عظّم الله شيئاً فهو عظيم . والسوء عذاب الدنيا ، وهو القتل بالسيف . يقول : إن أنتم نافقتم فباينتم بنفاقكم قتلتم في الدنيا ولكم في الآخرة عذاب عظيم . قوله : { وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً } أي : من الدنيا . ذكروا أنه قدم وفد من كندة وحضرموت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإِسلام ولم يهاجروا ، وأقروا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة . ثم إن رجلاً من حضرموت قام فتعلق برجل من كندة يقال له امرأ القيس ، فقال يا رسول الله ، إن هذا جاورني في أرض لي فقطع طائفة منها فأدخلها في أرضه . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل لك بينة على ما تزعم ؟ فقال : القوم كلهم يعلمون أني صادق وأنه كاذب ، ولكنه أكرم عندهم مني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا امرأ القيس ، ما يقول هذا ؟ " قال : ما يقول إلا الباطل . قال : " فقم فاحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له قِبَلك من شيء مما يقول ، وإنه لكاذب فيما يقول " . قال : نعم . قال الحضرمي ، إنا لله ، أتجعلها يا رسول الله إليه ، إنه رجل فاجر لا يبالي بما حلف عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه من اقتطع مال رجل مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه ساخط " . فقام امرؤ القيس ليحلف ، فنزلت هاتان الآيتان : { وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً } أي : عرضاً من الدنيا يسيراً { إِنَّمَا عِندَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } . قال : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . فقام الأشعث بن قيس فأخذ بمنكبي امرىء القيس فقال : ويلك يا امرأ القيس إنه قد نزلت آيتان فيك وفي صاحبك ، خيرتهما له ، والأخرى لك ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتطع مال رجل مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه ساخط " . فأقبل امرؤ القيس فقال : يا رسول الله ، ما أنزل في ؟ فتلا عليه الآيتين . فقال امرؤ القيس : أما ما عندي فينفد ، وأما صاحبي فيجازى بأحسن ما كان يعمل ؛ اللهم إنه صادق ، وإني أشهد الله إنه صادق ، ولكن والله ما أدري ما بلغ ما يدّعي من أرضه في أرضي ، فقد أصبتها منذ زمان ، فله ما ادّعى في أرضي ومثلها معها . فنزلت هذه الآية . { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فقال امرؤ القيس : إليَّ هذه الآية يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فكبّر امرؤ القيس . وحمد الله وشكره " . ذكر بعضهم في قوله : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } قال : هي القناعة ، وقال بعضهم : هي الجنة .