Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 12-14)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءَايَةَ الّيْلِ } وهي السواد الذي في القمر . ويقال مُحِيَ من ضوء القمر من مائة جزء تسعة وتسعون جزءاً وبقي منها جزء واحد . قال : { وَجَعَلْنَا ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً } أي : منيرة ، يعني به ضوء النهار . { لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمِْ } يعني بالنهار . { وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ } بالليل والنهار . { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } أي : بيّنّاه تبييناً ، وقال الحسن : فصّلنا الليل من النهار وفصلنا النهار من الليل ، والشمس من القمر والقمر من الشمس . قوله : { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ } قال الحسن : طائره : عمله . قوله : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } قال بعضهم : سيقرأ يومئذٍ من لم يكن قارئاً في الدنيا . ذكروا عن أبي بن كعب قال : يُدعى الخلائق يوم القيامة للحساب ؛ فإذا كان الرجل في الخير رأساً ، يدعو إليه ويأمر به ، ويكثر عليه تبعه ، دعِيَ باسمه واسم أبيه ، فيقوم ، حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطنه السيئات ، وفي ظاهره الحسنات ، فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيشفق ويتغير لونه . فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه : هذه سيئاتك وقد غفرت لك فيفرح . ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته ، فلا يزداد إلا فرجاً . ثم إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه : هذه حسناتك وقد ضوعفت لك ، فيبيض وجهه ، ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويكسى حلتين ، ويحل كل مفصل منه ويطول ستين ذراعاً ، وهي قامة آدم . ويعطى كتابه بيمينه ، فيقال له : انطلق إلى أصحابك فبشرهم وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا . فإذا أدبر قال : { هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍِ حِسَابِيَه } يقول الله : { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } [ الحاقة : 19 - 23 ] فيقول لأصحابه : هل تعرفونني ؟ فيقولون : قد غيرتك كرامة الله ، من أنت ؟ فيقول : أنا فلان بن فلان ، ليبشر كل رجل منكم بمثل هذا . وإذا كان في الشر رأساً يدعو إليه ، ويأمر به ، ويكثر عليه تبعه ، نودي باسمه واسم أبيه فيقدم إلى حسابه فيخرج له كتاب أسود بخط أسود ، في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات . فيبدأ بالحسنات فيقرأها ، فيفرح ويظن أنه سينجو . فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه : هذه حسناتك وقد ردت عليك ، فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير . ثم يقلب كتاب فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزناً ، ولا يزداد وجهه إلا سواداً . فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه : هذه سيئاتك وقد ضوعفت لك ، فيعظم للنار حتى إن فخذه لتكون مسيرة ثلاثة أيام وجلده مقدار أربعين ذراعاً ؛ وتَزْرَقُّ عيناه ، ويسودّ لونه ، ويكسى سرابيل القطران . ثم تخلع كفه اليسرى فتجعل وراء ظهره ، ثم يعطى كتابه بشماله ويقال له : انطلق إلى أصحابك وخَبِّرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا . فينطلق به وهو يقول : { يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } قال الله تعالى : { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } [ الحاقة : 25 - 32 ] فيسلك فيها سبعين ذراعاً كما قال الله ؛ يسلك فيها سلكاً تدخل من فيه حتى تخرج من دبره . فينادي أصحابه فيقول : هل تعرفونني ؟ فيقولون : لا ندري . ولكن نرى ما بك من الحزن ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا فلان بن فلان ، ولكل إنسان منكم مثل هذا . ثم يُنصب للناس فتبدو فضائحه حتى [ يُعيّر و ] يتمنى أن لو انطلق به إلى النار استحياء مما يبدو منه . قوله : { كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } أي : شاهداً .