Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 218-219)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ } أي يطمعون في رحمة الله ، يعني الجنة { وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال الحسن : هو على الإِيجاب ، يقول : يفعل ذلك بهم . [ قال بعض المفسّرين ] ذكر في الآية الأولى قصة قتل ابن الحضرمي ، وما قال المشركون ، وما أنزل الله في ذلك ، ثم أثنى الله على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الثناء فقال : { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا } … إلى آخر الآية . قوله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } . والميسر : القمار كله . قوله : { فِيهمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ } كانوا إذا شربوا الخمر فسكروا عدا بعضهم على بعض . وكانوا يتقامرون حتى لا يبقى لأحدهم شيء . فكانوا يتوارثون العداوة . قوله : { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } : أي ما كانوا ينتفعون به من شربها وبيعها ومن القمار قبل أن يحرمهما الله . قال بعضهم : بلغنا أن رسول الله لما نزلت هذه الآية قال : " إن الله يقرّب في تحريم الخمر " . ثم أنزل الله بعد ذلك في الخمر آية هي أشد منها : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } [ النساء : 43 ] فكانوا يشربونها حتى إذا حضرت الصلاة أمسكوا . وكان السكر عليهم منها حراماً ، وأحل لهم ما سوى ذلك . ثم أنزل الله تحريمها في سورة المائدة : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ المائدة : 90 ] فجاء تحريمها في هذه الآية ، قليلها وكثيرها ، ما أسكر منها وما لم يسكر . ذكر بعضهم عن أنس بن مالك أنه سئل عن خليط البسر والتمر ، فقال : أهرقناه مع الخمر حين حرمت . ذكروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الخمر من هاتين الشجرتين العنبة والنخلة " . ذكروا أن عمر بن الخطاب قال : إن هذه الأنبذة تنبذ من خمسة أشياء : التمر والزبيب والبر والشعير والعسل . فما عتقتم فخمّرتم فهو خمر . والعامة عندنا على أن ما عتق من الأنبذة كلها فازداد جودة في إنائه كلما ترك فيه فلا خير فيه . وكل نبيذ له حد ينتهي إليه ثم يفسد فلا بأس به إذا كان في سقاء . قوله : { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ } يعني الصدقة . { قُلِ العَفْوَ } ، كان هذا قبل أن تنزل آية الزكاة . وكان الحسن يقول : { قُلِ العَفْوَ } قل : الفضل ، أي ما فضل عن نفقتك ونفقة عيالك . ثم يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، ولا يلوم الله على الكفاف " وكذلك ذكروا عن الحسن عن النبي عليه السلام . وقال الكلبي في قوله : { قُلِ العَفْوَ } : كان الرجل حين نزلت هذه الآية إن كان من أصحاب الذهب والفضة أمسك منه ما يكفيه سنةً ، ويتصدق بسائره ، فنسخ ذلك في آية الزكاة . ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه ، ثم ليبدأ مع نفسه بمن يعول ، ثم يبدأ بقرابته ، فإن فضل شيء فهاهنا وهاهنا وهاهنا ، وما بين يديه ، وعن يمينه وعن يساره ، ومن خلفه " . قوله : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } قال بعض المفسّرين : أي : لعلكم تتفكرون أن الدنيا دار بلاء وفناء ، وأن الآخرة دار جزاء وبقاء .