Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 228-229)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ } . والقرء : الحيض في قول أهل العراق . وفي قول أهل المدينة القرء : هو الطهر . ذكروا عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما قالا : هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة . ذكروا عن الحسن عن أبي موسى الأشعري مثل ذلك . وذكروا عن علي وابن عباس مثل ذلك . وذكروا عن عمران بن حصين مثل ذلك ، وهو قول الحسن وإبراهيم والعامة عندنا . ذكروا عن زيد بن ثابت وعائشة أنهما قالا : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت منه . وذكروا عن ابن عمر ذلك ، وهو قول أهل المدينة . وتفسير قول أهل المدينة : إن القرء هو الطهر ، أَن الرجل إذا طلق امرأته ، ثم حاضت ، فإن ما بين طلاقه إلى حيضتها قرء . فإذا طهرت من حيضتها كان ما بين الحيضة الأولى إلى الحيضة الثانية قرءاً . فإذا طهرت من الثانية صار ما بين الثانية والثالثة قرءاً . فبانت حين رأت الدم . فالقرء الأول ، على قولهم إنه طهر ، ربما كان يوماً واحداً أو أكثر من ذلك ، فيما بينها وبين الحيضة ، وليس بس . وقول أهل العراق إنه إذا طلقها ثم حاضت كان الحيض هو القرءَ . فإذا طهرت لم تعد الطهر فيما بين الحيضتين قرءاً . فإذا دخلت في الحيضة الثانية فقد دخلت في القرء . فإذا طهرت منها لم تعد الطهر فيما بين الحيضة الثانية والثالثة قرءاً . فإذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد دخلت في القرء الثالث . فإذا اغتسلت منه فقد مضت الأقراء الثلاثة وبانت منه . فالحِيَض ثلاث والقروء صحيحة . والطهران [ الأخيران ] من قول أهل المدينة صحيحان ، والقرء الأول ينكسر . ويختلف القرء لأنه ربما طلقها قبل أن تحيض بيوم ، ثم تحيض من الغد ، فيكون ذلك اليوم في قولهم قرءاً ، وربما كان يومين أو أكثر من ذلك إلى الحيضة الثانية . فالقرء الأول مختلف . قال بعض المفسّرين : [ جعل عدة المطلقة في هذه الآية ثلاث حيض ثم ] نسخ منها ومن الثلاثة قروء أربع نسوة : التي طلقت قبل أن يدخل بها زوجها ؛ قال الله تعالى في سورة الأحزاب : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } [ الأحزاب : 49 ] ؛ فهذه ليست لها عدة ، تتزوج من يومها إن شاءت . ونسخ منها العجوز التي قعدت من الحيض . والبكر التي لم تحض . قال في سورة النساء القصرى { وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ } [ الطلاق : 4 ] أيضاً ثلاثة أشهر . ونسخ منها المطلقة الحامل فقال : { وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [ الطلاق : 4 ] . قوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ } . قال مجاهد : لا تقول : إني حائض وليست بحائض ، ولا تقول : إني لست بحائض وهي حائض . ولا تقول إني حامل وليست بحامل ، ولا تقول : لست بحامل وهي حامل . قال : لتَبِينَ من زوجها قبل انقضاء العدة ويضاف الولد إلى الزوج الثاني ، أو تستوجب الميراث إذا مات الرجل فتقول : لم تنقض عدتي وقد انقضت عدّتها . قوله : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : في العدة ، وفي التطليقة والتطليقتين ما لم يطلق ثلاثاً . { إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحاً } أي : حسن صحبة . قال : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } [ يعني فضيلةً في الحق ] . { وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . وقال في آية أخرى : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [ النساء : 34 ] . قوله : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ } يقول : هو أحق بها في التطليقتين . ولا يجمع بين التطليقتين ولا ثلاثاً جميعاً . قال بعض المفسّرين : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ } : مرة بعد مرة ، فجعل حد الطلاق ثلاثاً . فإذا طلقها الثالثة حرمت عليه . قال : وذلك أنه بلغنا أن أهل الجاهلية كانوا ليس لهم حد في الطلاق ؛ كان يطلق أحدهم عشراً أو أقل من ذلك أو أكثر . ذكر الحسن أن علياً كان يكره أن يطلق الرجل امرأته ثلاثاً جميعاً ، ويلزمه ذلك ، ويقول : إنه عصى ربه . ذكروا عن ابن عمر مثل ذلك ، وليس فيه اختلاف . قوله : { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } . قال مجاهد : هذا حين ملكها وجب ذلك لها . قال : وإن طلقها تطليقتين فهو أيضاً إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ما لم تنقض العدة . وبلغنا أن رجلاً قال : يا رسول الله . قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة قال هو قوله : { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } . قوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ } أي : أمر الله في أنفسهما . وذلك أنه يخاف من المرأة في نفسها إذا كانت مبغضة لزوجها فتعصى الله فيه ؛ ويخاف من الزوج إن لم يطلقها أن يتعدّى عليها . قال مجاهد : تقول المرأة : لا أبر قسمه ، ولا أطيع أمره ، فيقبله الرجل خشية أن يسيء إليها وتفتدى . قال : { فَإِنْ خِفْتُمْ } أي : فإن علمتم ، يعني الولاة { أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ } أي سنته وأمره في الطلاق . { فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } أي لأنفسهم . ذكروا عن الحسن قال : يعني الخلع ؛ إذا قالت لا أغتسل لك من جنابة . قال بعضهم : إذا قالت لا أطيع لك أمراً ، ولا أبرّ لك قسماً ، ولا أغتسل لك من جنابة ، فقد حلّ له أن يقبل منها . ذكر عكرمة " أن جميلة بنت [ أبي بن ] سلول أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أبا قيس تعني زوجها ثابت بن قيس والله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإِسلام . فقال : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . قال : خذ منها ما أعطيتها ، ولا تزيديه " . ذكروا عن عمر بن الخطاب أنه قال : إذا سألكم النساء الخلع فلا تكفروهن . تأويل ذلك أنه ليس يعني أن ذلك واجب عليه ، إلا أن يشاء . ومعنى قوله : لا تكفروهن يعني أن تكفر زوجها كقول النبي عليه السلام : " لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير " يعني الصاحب ، وهو زوجها . ذكر ابن عباس أنه قال : إن الخلع جائز عند السلطان وغيره . ذكروا عن شريح أن امرأة رفعت إليه ، وكانت اختلعت من زوجها ، فأجازه ؛ فقال رجل عنده ، : لا يجوز الخلع إلا عند السلطان . فقال شريح : الإِسلام إذاً أضيق من حدّ السيف . وكان الحسن لا يجيز الخلع إلا عند السلطان . والعامة على غير قول الحسن .