Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 128-130)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ } أي : ثم نقول يَا مَعْشَرَ الجِنِّ { قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ } ذكروا أن مجاهداً قال : { قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ } أي قد كثر من أغويتم وأضللتم من الإِنس ، وهو قول الحسن . { وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ } أي الذين أضلوا من الإِنس { رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } . قال الكلبي : كانت الجن قد أضلوا كثيراً من الإِنس حتى تولَّوْهم وعَدَوا بهم . وكان استمتاع الإِنس بالجن أن الرجل كان إذا خاف الضلال وهو بأرض قفراء واستوحش بها قال : أعوذ بسيّد هذا الوادي من سفهاء قومه فيبيت في جواره وكان استمتاع الجن بالإِنس أن يقولوا : لقد سوّدتنا الإِنس مع الجن فيزدادون بذلك شرفاً من قومهم . وقال في سورة الجن : { وَإنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ } أي إذا حل أحد من الإِنس بالوادي القفر أو بالمكان المخوف قال : أعوذ بسيّد هذا الوادي من سفهاء قومه . قال : { فَزَادُهُمْ رَهَقاً } [ الجن : 6 ] والرهق هو الإِثم ، إذ استعاذوا بمن لا يعيذ وتركوا أن يستعيذوا بالله الذي يعيذ من استعاذ به . قوله : { وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا } قال الكلبي : الموت { قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ } أي مصيركم ومنزلكم { خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ } إلا قدر ما تخرجون من قبوركم فتحاسبون بأعمالكم الخبيثة فتعاقبون عليها وتخلدون في النار . فلذلك استثنى من الخلود ما ذكرنا إلا قدر ما وصفنا . { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } أي حكيم في أمره عليم بخلقه . قوله : { وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } . قال الحسن : المشركون بعضهم أولياء بعض كما أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض . قال بعضهم الآية محتملة جامعة لجميع الظالمين ، وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم . قوله : { يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنْسِ } يعني من كفر منهم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } أي من الإِنس خاصة ، ولم يبعث الله نبياً من الجن ولا من النساء ولا من أهل البدو . وإن كان خاطب بهذه المقالة الثقلين جميعاً من الجن والإِنس ، وأرسل فيهم الرسل من الإِنس خاصة ، فقال وهو يخاطبهم جميعاً : الجن والإِنس : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } أي : من أحدكم ، أي من الإِنس . كقوله : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا } أي من البحرين { اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] وإنما يخرج من أحدهما ، وليس يخرج منهما جميعاً ، وكذلك قوله : { يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } أي من أحدكم ، وهو الإِنس . قال : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ القُرَى } [ يوسف : 109 ] أي من أهل الحضر لأنهم كانوا أعلم وأفضل من أهل العمود . ذكروا أن معاذ بن جبل كان على بعض قرى أهل الشام فجاء أناس من أهل البادية فقالوا : قد شقّت علينا الإِقامة ، فلو بدأت بنا ، فقال لعمري لا أبدأ بكم قبل أهل الحضارة أهل العبادة وأهل المساجد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تنزل عليهم السكينة ، وإليهم يأتي الخير ، وبهم يبدأ يوم القيامة " . قوله : { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا } أنه قد جاءتنا الرسل في الدنيا ، وهذا بعد ما صاروا إلى النار . يقول الله : { وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا } إذ كانوا فيها { وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهمْ } أي في الآخرة { أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ } أي في الدنيا .