Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 21-21)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذا أذقْنا النَّاسَ } مطلقا أو كفار مكة { رحْمةً } فى البدن والمال { مِنْ بَعْد ضرَّاء } شدة ضارة بهم كقحط ومرض { مسَّتْهم } أصابتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم ، كما يحس الجسم جسم الآخر ، والجملة صفة ضراء . { إذا } للفجاءة رابطة لجواب إذا الشرطية { لَهم مَكرٌ فى آياتِنَا } احتيال فى دفعها بما أمكنهم ، وقيل استهزاء وتكذيب به ، قال الحسن ، ومجاهد قيل قحط أهل مكة سبع سنين وكادوا يهلكون ، ولما رحمهم الله بالمطر والخصب شرعوا يقدحون فى آيات الله سبحانه وتعالى ، ويكبدون رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل الآيات رحمته الدالة عليه ، ومكرهم قولهم سقينا بنوء كذا ، والأنواء منازل القمر ، تنسب العرب كالمنجمين الكفرة المطر والريح إليها ، فبعض العرب ينسبها للطالع لأنه نئ أى ظهر ، وبعض للغارب الساقط لأنه نئ أى بعد ، وذلك كفر شرك لا كفر نعمة ، كما زعم بعض ، ونسبتهما إلى ذلك باعتبار العادة مكروه ، وقيل حرام ، ويأتى كلام إن شاء الله فى سورة الفتح . { قُلِ اللهُ أسْرعُ مَكراً } جزاء فى خفية ، أو كيداً باستدراج ، أو جزاء مكركم ، قال الحسن إذا أراد الله أن يهلك قوما كان عذابهم أسرع من لمح البصر ، وذلك فى الدنيا ، كوقعة بدر ، أو يوم القيامة ، وعلى كل حال هو أسرع من مكرهم ، من حيث إنه واقع لا محالة ، ومكرهم لا يدرون أيتأثر أم لا ، أو من حيث إنهم فى مقدمات مكر الله من وقتهم ذلك ، أو من حيث إن الله عز وجل دبر عقابهم قبل أن يدبروا كيدهم . وإنما قال أسرع بصيغة التفضيل ، لأن كيدهم أيضا سريع كما ينص عليه لفظ الفجاءة ، وترتيب المكر على أول طعم الرحمة المعبر عنه بالذوق ، أو أسرع اسم تفضيل خارج عن معنى التفضيل ، فهو بمعنى سريع ، وعلى كل حال فصوغه من سرع الثلاثى لا من أسرع الرباعى ، وأجاز بعضهم بناء اسم التفضيل من الرباعى المبدوء بالهمزة لغير التعدية ، كأسرع وبعض ولو للتعدية . { إنَّ رُسُلنَا } قال أبو حاتم خفف الحسن ، وابن أبى إسحاق ، وأبو عمرو السين بالإسكان وهم الحفظة { يكْتُبون ما تمْكُرونَ } لتجازوا به ، فليس مكركم بخفى عن الحفظة ، فضلا عن الله ، فهذا تحقيق للانتقام ، وهذه الجملة تقوى أن يكون المراد بالمكر فى قوله { الله أسرع مكراً } المكر فى الآخرة ، وقرأ يعقوب فى رواية روح ، والحسن ، والأعرج ، وقتادة ، ومجاهد يمكرون بالتحتية ، ليوافق الغيبة فى قوله { وإذا أذقنا الناس } الخ ، وهو رواية ضعيفة عن نافع ، وليست قراءة الفوقية بالتفات ، لأنها فى كلام آخر مستأنف فى قوله { قل } وهى قراءة الجمهور ، قال أيوب بن المتوكل ، فى مصحف أبىّ يا أيها الناس إن الله أسرع مكراً ، إن رسلنا لديكم يكتبون ما تمكرون .