Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 22-22)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُو الذِى يسَيِّركُم } يجعلكم سائرين ، بأن أقدركم على السير وخلقه منكم ، والتشديد للتعدية لا للمبالغة ، لأن سار لا يتعدى ، وأما قول الهذلى @ فلا تجزعَن من سنةٍ أنت سرتها وأول راضٍ سنة من يسيرُها @@ فلا دليل فيه للفارسى فى تعديه ، لأن الضمير فيه إما مفعول مطلق نائب عن السنَّة ، والسنَّة بمعنى السيرة ، أو بمعنى الظرف ، والسنَّة بمعنى الطريقة ، كما تقول الطريقة أسرتها ، وقرأ ابن كثير فى رواية كسر السين وإسكان الياء بعدها من أسار المعدى بالهمزة ، وقرأ ابن عامر ، وزيد بن ثابت ، والحسن ، وأبو العالية ، وأبو جعفر ، وعبد الله بن جبير ، وأبو عبد الرحمن ، وشيبة ينشركم بفتح المثناة ، بعدها نون ساكنة ، بعد النون شين معجمة مضمومة ، أى يفرقكم . قيل كانوا يقرءون هكذا ، فنظروا فى الإمام وهو مصحف عثمان ، فوجدوها بياءين بينهما مهملة فاتبعوه ، وأول من كتبها مثله الحجاج ، وعن الحسن ينشركم بضم المثناة وكسر الشين المعجمة ، وإسكان النون بينهما . { فى البرِّ } على الدواب والأرجل { والبَحْر } على الفلك وذلك دلالة على القدرة ، وتعديد للنعمة قبل ركوب البحر ، وقت حسن الظن به للجهاد والحج ، متفق على جوازه ، وكذا لضرورة المعاش ، ويكره لطلب الغنى والاستكثار ، وقيل لا يكره ، وتركه أحسن ، وأما ركوبه فى ارتجاجه فممنوع ، وفى الحديث " من ركب البحر فى ارتجاجه فقد برئت منه الذمة " وعنه صلى الله عليه وسلم " لا أركبه أبداً " . { حتَّى إذا كُنتُم فى الفُلْك } جمع فلك بضم الفاء وإسكان اللام أيضا ، بدليل ضمير الجماعة بعد وهو النون الموضوعة لجماعة الإناث فى قوله { وجَرَيْن } وليس مفرداً يطلق على الواحد والجماعة ، لقولهم فى التثنية فلكان { بِهِم } الأصل بكم الخطأ ، وعدل عنه إلى الغيبة للبلاغة ، كأنه يذكر لغيرهم حالهم من سوء الصنيع ، وقلة الحياء ، معرضا عنهم بعد خطابهم ، ليعجبه منهم ، ويستدعى منه الإنكار والتقبيح ، مع أن ذلك الكلام من الله عز وجل مع نبيه صلى الله عليه وسلم لا معهم ، فتقوى ذلك العدول . وعن بعض أن كل من أقام غائبا مقام المخاطب حسن منه أن يرده إلى الغيبة ، وقرأ أبو الدرداء فى الفلكى بياء النسب المزيدة للمبالغة ، كقوله @ والدهر بالإنسان دوارى @@ أى دوار ، كقولك أحمرى وأصلى ، تريد أنه أحمر وأنه أصل لا النسبة إلى أحمر وأصل ، ولزيادتها لم تخرج الكلمة عن معنى الجمع ، فأعيد إليها ضمير الجمع ، وإلا فإنك إذا أردت بالفلكى فى كلامك شيئاً منسوباً إلى الفلك ترجع إليه الضمير مفرداً وقد يقال إن النسب على أصله لا زائد ، وأن المعنى الماء الفلكى وهو العظيم الذى تجرى فيه الفلك ، وعلى هذا فالضمير فى { جرين } عائد إلى الفلك الذى دل عليه هذا النسب ، والباء للتعدية ، كأنه قيل وأجرينهم ، شبه نقلها إياهم من مكان لآخر بالإجراء ، أو كمع أى وجرين معهم إذ هم فيهن ، فهم معهن أو للاستعانة . { بريح طيِّبةٍ } لينة ألهبوب ، قيل الريح إذا لم توصف بطيب ونحوه فهى المكروهة { وفَرِحُوا بها } أى بتلك الريح { جَاءتْها } أى تلك الريح ، أو تلك الفلك والأول أولى من حيث مناسبة الضمير فى الإفراد والقرب ، والثانى أولى من حيث المعنى وهو الراجح عندى ، ولا بأس بإفراد الضمير باعتبار الجماعة ، أو الجماعة بعد جمعه ، وقرأ ابن أبى عبلة جاءتهم وهو أنسب بالثانى ، ولو ناسب الأول أيضا { رِيحٌ عاصِفٌ } الريح يذكر ويؤنث فى الإظهار والإضمار ، وليس التذكير للنسب ، لأن النسب لا يبيح التذكير عند التحقيق ، تقول رجل تامر ، وامرأة تامرة لا تامر ، أى ذات تمر ، والعصوف شدة الهبوب السرعة ، وأصله كسر الأشياء . ومعنى مجىء الريح العاصف ، الريح الطيبة تلقيها إياها ، وإذهابها ، أو تغلبها عليها ، وجملة جاءتها ريح عاصف جواب إذا ، وبمجموع الشرط وما عطف عليه ، والجواب وما بعده صح الترتيب على التسيير وإلا فبمجرد كونهم فى الفلك لا يترتب على التسيير فى البحر . { وجَاءهُمْ الموْجُ } ما ارتفع من الماء أو شدة حركة الماء واختلاطه { مِنْ كلِّ مكانٍ } ممكن مجئ الموج منه ، إذ لا يجيئهم الموج من صحراء أو جبل { وظنُّوا } رجحوا أو أيقنوا { أنَّهم أحِيطَ بِهِم } للهلاك حتى لا يبين لهم سبيل إلى الخلاص . { دَعَوُا اللهَ مخْلِصينَ لَه الدِّينَ } أى الدعاء بعد أن كانوا قبل ذلك يدعون سواه ، أو مذعنين بأنه لا دين إلا دينه ، وأن عبادة الأوثان باطلة ، لأنهم يعلمون أنه لا ينجيهم من الشدائد إلا الله ، أو لتراجع الفطرة التى ولدوا عليها لزوال معارضها بشدة الخوف ، وهذه الجملة بدل اشتمال من ظنوا ، لأن دعاءهم من لوازم ظنهم الهلاك فهو ملتبس به وقال الطبرى هى جواب لقوله { ظنوا } فلعله أراد بالجوابية هذا الاتصال الذى تفيده البداية أو أنه جواب لـ لما محذوفة أو إذا محذوفة أى ولما ظنوا أو إذا ظنوا . { لئِنْ أنجيتَنَا مِنْ هذِهِ } أى هذه الشدة ، أو هذا الريح العاصف { لنَكوننَّ منَ الشَّاكِرينَ } بالتوحيد والعبادة ، وذلك مقول لقول محذوف ، أى يقولون والله لئن أنجيتنا الخ أو لدعوا لئن بمعنى القول ، وذكر الطبرى فى هذا المقام من دعاء العجم هيا شراهيا ، ومعناه يا حى يا قيوم .