Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 2-2)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أكَانَ } استفهام إنكار وتوبيخ { للنَّاسِ } قريش والعرب ، أو أهل مكة ، اللام للبيان ، تبين أن العجب لهم علقها بعضهم بقوله { عَجباً } لأنه لا ينحل هنا إلى فعل وحرف مصدر ، فلم يضر تقديم معمول المصدر على المصدر ، ولأن المعمول ظرف وعلقها بعض بمحذوف حال من { عَجباً } ولو كان نكرة لتقدم ، والمسوغ بالاستفهام ، وعلقه بعض بكان وهو أولى ، والصحيح جواز التعليق بالفعل الناقص ، وعجباً خبر كان مقدم ، والعجب حالة تعترى الإِنسان عند الجهل بسبب الشىء { أنْ أَوْحَيْنا } اسم كان فى التأويل ، ويجوز كونه اسمها ، وللناس خبرها ، وعجباً حال من ضمير الاستقرار فى قوله { للناس } ، ويفيد الخبر الفائدة الكاملة بهذه الحال ، وقرأ ابن مسعود برفع عجب ، وكذا فى مصحفه على الأخبار بالمعروفة عن النكرة ، إذ عجب اسم كان ، وإن أوحينا فى التأويل خبرها ، والتقدير فى جاءنا وهو معرفة ، وهم حكموا بأن حرف المصدر ومدخوله فى حكم الضمير ، أو على أنه بدل من عجب بالرفع ، وكان تامة ، وعجب فاعلها ، أو ناقصة فخبرها للناس ، وإنما قال { للناس } ولم يقل عند الناس ، والله أعلم ، ليدل على أنهم جعلوه أعجوبة لهم فيوجهون نحوه إنكارهم واستهزاءهم . { إلى رَجُلٍ } وقرئ بإسكان الجيم مع فتح الراء { مِنْهم } من العرب أو من قريش ، أو أهل مكة ، أو الناس من سائرهم لا ممن له شرف بمال وجاه ، وذلك من عظم جهلهم ، إذ كونه بشراً أليق من كونه ملكاً ، وكونه لا مال له ولا جاه هو أعون شىء فى أداء الرسالة ، بحيث لا يشغله مال عن أدائها ، ولا يمنعه تعلق جاء به ، ولا عجب فى ذلك ، وإنما العجب فى تعطيل العقاب والثواب . { أنْ } مفسرة أو مصدرية ، وعليها فالمصدر مفعول لأوحينا { أنْذِرِ النَّاسَ } خوفهم بالعقاب إن أصروا على الكفر أو المعصية مطلقاً ، ولذلك عمم ، إذ ما من أحد إلا وفيه ما ينبغى أن ينذر عنه . { وبَشِّر الَّذينَ آمنُوا } أخبرهم إختاراً ساراً { أنَّ } أى بأن { لَهم قَدمَ صِدْقٍ } أى عملا صالحاً مقبولاً لصدقهم فيه ، وإخلاصهم إياه ، وسمى قدماً لأن به وصولهم إلى الدرجات العلى ، كما أن الإِنسان يتوصل بقدمه إلى المكان الذى ليس فيه ، وسميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد ، وبإعلان صاحبها يبوء بها ، أى يمد ، وأضيف للصدق لصدقهم فيه ، وإخلاصهم ، أو أراد بالقدم الثواب على أعمالهم تشبيهاً لغويا بالشىء ناله الإنسان بالسعى إليه بقدمه ، فسمى باسم آلته ، أو سابقة سعادة ومنزلة رفيعة ، أو موته صلى الله عليه وسلم كما ورد " أنا فرطكم على الحوض " أو الشفاعة ، فيجوز أن تكون التسمية بالقدم لقدومهم على ذلك بالموت ، وأن تكون الإضافة أو الصدق لتحقق ذلك لهم ، أو لمجرد المدح . { عِندَ ربِّهم } ناهيك بما هو عند الله محفوظاً { قالَ الكَافِرُونَ } وقال الطبرى جواب للما محذوفاً ، أى لما أنذر وبشر قال الكافرون ا هـ ، ويجوز أن يقدر قال الكافرون عند إنذاره وتبشيره ، قيل وأن يكون تفسيرا لقوله { أكان للناس عجباً } على معنى أنهم مالوا عن ذلك العجب ، ويجوز أن يكون مستأنف كلام . { إنَّ هذا } أى القُرآن أو الوحى مطلقا { لسَحرٌ مُبينٌ } بين ، قالوا ذلك لأنهم رأوا منه ما فرق كلمتهم ، وحال بين القريب وقريبه ، خوارق عادة تعجزهم عن المعارضة ، فقولهم ذلك متضمن لاعترافهم بالعجز ، أو لأنهم يرون نحو البعث مما يخبرهم مضمحلا لا يثبت كالسحر ، وقرأ ابن كثير ، والكوفيون ، ومسروق ، وابن جبير ، وابن مسعود ، ومجاهد وابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش ، وعيسى بن عمرو ، وابن كثير بخلاف عنهما ، وابن محيصن لساحر بالألف على أن الإشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما على القراءة الأولى فلا تصح الإِشارة إليه إلا على المبالغة ، أو بالتأويل بالوصف ، أو بتقدير مضاف ، وعن الأعمش ما هذا إلا ساحر مبين ، وفى مصحف أبىّ ما هذا إلا سحر مبين .