Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 16-17)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وجَاءُوا أباهُم عشَاءً } وقت العشاء ليكونوا فى الظلمة ، أجرى على الاعتذار ، وقد قيل لا تطلب الحاجة بالليل ، فإن المياه فى العينين ولا تعتذر بالنهار فتتلجلج بالاعتذار ، ولا تقدر على تمامه ، ذكر ذلك فى عرائس القرآن ، وقيل العشاء آخر النهار ، وقرأ الحسن عشيا بتصغير عشى ، وقال ابن جنى قرأ الحسن عشى بالضم والقصر جمع أعشى أى كالرجل الأعشى القليل البصر لبكائهم ، وهم على الأولين ظرف ، وعلى الثلاثة حال . { يَبْكُون } حال ، روى أنهم لما ألقوه فى الجب عمدوا إلى سخلة من الغنم فذبحوها ، ولطخوا بدمها قميص يوسف وشووها ، وأكلوا لحمها ، ثم رجعوا إلى يعقوب فوجدوه قاعدا على قارعة الطريق ينتظرهم متى يأتون بيوسف ، فلما دنوا منه صرخوا صرخة واحدة ، ورفعوا أصواتهم بالبكاء ، فعلم يعقوب أنهم قد أصيبوا بمصيبة ، فلما رآهم اجتمعوا وتقدموا بين يديه ، وشقوا جيبوهم ، وبكوا ففزع وقال ما بالكم يأتينى ، وأين يوسف ؟ فقالوا ما أخبرنا الله سبحانه ، وتعالى به إذ قال { قالُوا يا أبانا } الخ وهذا قميصه ملطخ بدمه ، ولما سمع كلامهم خر مغشيا عليه إلى الصباح وبكوا عليه جميعا فقالوا فيما بينهم بئس ما فعلنا بيوسف ووالده ، وأى عذر لنا عند الله تعالى ، ولما أفاق التفت إليهم وقال هكذا ظنى بكم ، بئس ما فعلتم وسولت لكم أنفسكم . وروى أنه سمع بكاءهم فخرج إليهم ، فلما رآهم قال بالله سألتكم يا بنى هلا أصابكم شئ فى غنمكم ؟ قالوا لا ، قال فما أصابكم وأين يوسف ؟ فقالوا يا أبانا الخ . روى أن امرأة حاكمت إلى شريح فبكت ، فقال له الشعبى وقيل رجل سواه يا أبا أمية أما تراها تبكى ؟ فقال قد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمة ، ولا ينبغى لأحد أن يقضى إلا بما أمر أن يقضى به من السنة الرضية ، وأنشدوا @ واغرك من شيخ بكاء ومملقة أم اللحية البيضاء للنطق مطلقه فإن بنى يعقوب جاءوا أباهم عشاء وهم يبكون زوراً ومخرقة @@ { إنَّا ذَهبْنا نَسْتبِقُ } على أرجلنا ليتبين أبينا أسرع سعيا ، وأخف حركة ، قاله السدى ، قلت هو الصحيح ، وقال مقاتل نستبق إلى الصيد ، وقال ابن عباس نتناضل ، أى نتعلم التضارب بالسيوف ، فالمعنى يتعاطى كل منا أن نتسابق ، وقيل خبر ذهب إلى أنه بمعنى شرع ، فعمل ككان ، ونستبق نفتعل بمعنى نتفاعل كارتموا تراموا . { وتَرَكْنا يُوسفَ عنْدَ متَاعِنا } ثيابنا وما أتينا به من يفوت الآخر بالضرب وقال الزجاج ترامى فالمعنى يتعاطى كل أن يسبق الآخر بحسن الرمى ، أو أن تبعد رمية عن رمية الآخر ، وعلى الأول فالذهاب أول الاستباق من عند يوسف ، وعلى غيره ذهبوا إلى موضع غير الذى فيه يوسف والجملة حال مقدرة على تلك الأقوال من فاعل ذهب البلد من نحو طعام . { فأكلَه الذِّئبُ } بغفلتنا عنه بالاستباق { ومَا أنتَ بمؤمنٍ لنَا } بمصدق لنا فى ذلك { ولَو كنَّا صادِقينَ } فيه ، أو لو كنا صادقين عندك فى الجملة قبل هذا ، أو لو كنا موصوفين بالصدق لشدة محبتك ليوسف وسوء ظنك بنا .