Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 46-46)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُوسُفُ } حذف حرف النداء ومتعاطفات أى فأرسلوه فأتى يوسف فى السجن فقال له يا يوسف الخ ، وروى أن الذى نجا قال إن قول هؤلاء بأنها أضغاث أحلام باطل ، بل رؤياك حق ، وأن لها برهانا وإن أرسلنى إلى السجن آتك بالعجب العجاب ، إن فى حبسك رجلا حكيما عليما عنده من رؤياك علم عجيب ، وقد كنت أنا وصاحبى فى السجن فى المدة التى غضبت علينا فيها ورأينا كذا وكذا ، وعبر لنا كذا وكذا ، فكان كما قال ، فقال الملك ما منعك أن تعرفنى بأمره ؟ فقال أيها الملك خفت أن تذكر ما قيل عنا ، فيكون سببا للمعاقبة ، فقال له انطلق إليه ، فقد أذنت لك . وروى أنه لما قال الملك إن لم تخبرونى بتأويلها أقتلكم ، حرك الساقى رأسه وبكى ، فقال له الملك مالك تبكى ؟ فقال أيها الملك إن رؤياك هذه لا يعرفها ولا ينبئك بها إلا الغلام العبرانى الذى فى السجن ، فتغير وجه الملك وقال له إنى لم أذكره سبع سنين ، ولا خطر ببالى إلا الساعة ، وقال له الساقى وأنا كذلك ، فقال من أين تدرى أنه الم بتأويل الرؤيا ، فقص عليه قصته وقصة الخباز ، فقال له امض إليه واسأله عن تلك الرؤيا ، فقال له والله إنى أستحى منه ، فقال له الملك لا تستحى منه ، فإنه على دين يرى أن الخير والشر من مولاه ، فلا يلومنك . فأتاه الساقى يبكى وكمه على وجهه استحياء من يوسف ، وتمالك واعتذر بأنه لم يقصر ، ولكنه نسى ، فقال له ارفع كمك ، فإن الشيطان أنساك أن تذكرنى عند ربك ، فسجد الساقى بين يديه حين رضى عنه ، فقال له لمن سجدت ؟ فقال لمن أرضاك عنى ، فإنى كنت خائفا من سطوتك ، فقال من أين لى سطوة ؟ فقال تيقنت أنك تصير ملكا ، ثم قال له ما حاجتك ؟ فقص عليه رؤيا الملك ، وأنه يريد تعبيرها ، وقيل إن الملك نسى رؤياه ، فقال لهم إن لم تخبرونى بها وبتأويلها أقتلكم ، فذهب الساقى إليه فسأله فقال له رأى كذا وكذا وتأويلها كذا وكذا ، فرجع الساقى إلى الملك ، وقد تذكرها الملك فأخبر بها الحاضرين بعد ذهاب الساقى ، فأخبره الساقى بما قال يوسف ، فتعجب فقال كأنه الذى رآها ، وأقر هو والحاضرون بفضله ، وما قيل من أن الساقى لم يخبره الملك بالرؤيا ، وأنه قال ليوسف أريد أن تعلم ما رأى الملك ، وأن تعلم تعبيره يرده قول يوسف { أيُّها الصِّدِّيق أفْتِنَا فى سَبْع } أى فى رؤيا سبع { بقَراتٍ سمانٍ يأكلهنَّ سبعٌ عِجافٌ وسَبعِ سُنْبلاتٍ خُضْرٍ وأخر يابِساتٍ } وإن صح ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالآية حكاية للمعربات قوله أخبرنا بما رأى بتفسيره بمنزلة قوله إنه رأى كذا وكذا ، فأخبرنا أيها الصديق بتفسيره ، والصدِّيق المبلغ فى الصدق ، وإنما عرفه صديقا لأنه فاق احواله ، وظهر صدقه فى تفسير رؤياه ورؤيا الخباز ، ولم يجبر عليه كذبا قط . { لَعلِّى أرْجعُ إلى النَّاسِ } الملك ومن عنده ، أو أهل البلد على ما قيل إن السجن لم يكن فى البلد ، فأخبرهم بتعبيرها { لَعلَّهم يعْلَمُون } تأويلها أو فضلك ومكانك فى العلم ، فيطلبوك ويخلصوك من السجن ، وإنما تلفظ بلعل فى الموضعين ، لأنه ليس على يقين من الرجوع لجواز أن يموت قبل الرجوع ، أو يمنعه مانع ، ولا على يقين من علمهم لاحتمال أن لا يصدقوه ، أو لا يصدقوا يوسف ، ولما سمع يوسف الرؤيا من الساقى لم يمتنع من شرحها فقال قل للملك إن فى رؤياك هذه بلية تدخل على رعيتك ، فأنظر لها قبل نزولها ، لأن الملك بالرعية ، والرعية بصلاح الأحوال ، وحاجة الملك للخدم كحاجة الرأس للقدم ، وانتفاع الملك بأعوانه كانتفاع الجسد بأعيانه ، ثم أخذ يفسرها كما قال الله جل وعلا { قَالَ تزْرَعُونَ … }