Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 69-69)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولمَّا دَخَلوا عَلَى يُوسفَ آوَى } ضم { إليه } إلى نفسه { أخاهُ } بنيامين فى الطعام ، وفى الكرسى ، وفى البيت للخلوة ، وعند رفع رأسه إلى حجره { قالَ إنِّى } وسكن الياء غير نافع وابن كثير وابن عمر { أنا أخوكَ } يوسف { فلا تَبتئس } أى لا تتضرر باجتلاب الحزن ، وهو يفتعل من البؤس . { بمَا كانُوا يعْملُون } فينا فإن الله سبحانه وتعالى قد أحسن إلينا ، وجمعنا على خير وصفح عن إخوته ، وصفا لهم ، فأراد أن يكون بنيامين كذلك ، ولا تعلمهم بما علمتك ، وبكيا واعتناقا ، وبكت الملائكة ، وخر بنيامين ساجدا ، وغشى عليه من الفرح . وعن وهب بن منبه أنه لم يعرف إليه ، ولكن قال إنى أنا أخوك بدل أخيك المفقود ، فلا تبتئس بما كنت تلقى منهم من الحسد والأذى ، فقد أمنتهم قبل ، ويحتمل أن يريد فلا تبتئس بما يفعل فتيان يوسف من أمر السقاية ونحو ذلك . وفى عرائس القرآن لما دخلوا على يوسف فى الكرة الثانية قالوا يا أيها العزيز هذا أخونا الذى أمرتنا أن نأتيك به ، قد جئنا به ، قال أحسنتم وأصبتم ، وتجدون ذلك عندى ، ثم أنزلهم وأكرمهم وأنزلهم وأضافهم ، وجلس كل اثنين على مائدة فبقى بنيامين واحدا ، فبكى وقال لو كان أخى يوسف حيا لأجلسنى معه ، قال لهم يوسف هذا أخوكم هو وحيد فريد أجعل معى على مائدتى ، فأكل معه ، فلما كان الليل أمر لهم بمثله ، فجلس كل أخوين على فراش واحد ، فبقى بنيامين وحده فقال هذا ينام معى على فراشى ، فنام معه وضمه إلى صدره ، وجعل يشم رائحته حتى أصبح فجعل روبيل يقول ما رأينا مثل هذا . ولما أصبح قال لهم أرى هذا الذى جئتم به ليس معه ثان فاضمه إلى ليكون منزله معى ، ثم أنزلهم منزلا واحدا ، وأنزل معه أخاه ، وأجرى عليهم الطعام ، وخلا له وقال ما اسمك ؟ قال بنيامين ؟ قال وما بنيامين ؟ قال ابن المتكل ، لما ولدت هلكت أمى ، قال وما أسمها ؟ قال راحيل بنت لايان بن نوبيل بن فاخور ، فقال هل من ولد لك ؟ قال عشرة أبناء ، قال فما أسماؤهم ؟ قال لقد اشتققت أسماءهم فى شأن أخى من أبى وأمى ، قال ما اسمه ؟ قال يوسف ، قال لقد اعتراك بذلك حزن شديد ، قال هم بلع ، لأن أخى ابتلعته الأرض ، وبكر لأنه بكر أمى ، وشكلا لأنه على شكل أمى وأبى ، وأكبر لأنه أكبر منى ، ونعمان لأنه ناعم بين أبويه ، وورد لأنه بمنزلة الورد فى الحسن ، وحيتم لأنه أبى أخبر أنه حى ، وموتع لأنى لو رأيته لقرت عينى وتم سرورى ، ويوسف لئلا يخرج اسمه من بيتنا . فقال له يوسف تحب أن أكون أخاك بدلا من أخيك الهالك ؟ قال أيها الملك ومن يجد أخا مثلك ، ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل ، فبكى يوسف وقام وعانقه وقال { إنى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون } ولا تعلمهم بشئ من هذا . وروى أن يوسف بنى بناء مذهبا أربعين ذراعا طولا ، وأربعين عرضا ، وأمر يوسف عليه السلام ويعقوب وإخوته جميعا على حائطه وقصته من حين ذهبوا به وصوروا شمعون آخذا بذؤابتى يوسف بشماله ، والسكين بيمينه يريد قطع رأسه ، وصور صورة روبيل ويوسف داخل فتحت ذيله ، ولما دخلوا أمر غلمانه أن يدخلوهم فى الموضع الذى صوروا فيه فدخلوا وجلسوا ، فرفع روبيل رأسل ، فوقع بصره على الصُّوَر فصعق ، فقال إخوته مالك يا روبيل ؟ فأخبرهم ، فقالوا هذه والله صورنا وصنائعنا وأفعالنا بيوسف ، فتغيرت ألوانهم وتلجلجت ألسنتهم ، ووجلت قلوبهم ، فأخذوا فى البكاء والنحيب . فقال يوسف لغلمانه قدموا لهم الطعام ، فقدموا فامتنعوا من الأكل ، فقال للغلمان قولوا لهم لِمَ لا تكلون ؟ فقالوا والله لقد جئنا جياعا ولما رأينا هذه الصور وصورة أخينا المفقود ضاقت صدورنا فلم نطق الطعام وبكينا ، فقال لغلمانه أخروجهم من ذلك البيت إلى بيت الخواص . وكان بينامين يبكى وينتحب ، وعلا بكاؤه وغشى عليه ، ولما أفاق خرجوا إلى بيت الخواص ، وفيه مائدة فجلسوا ، فأذهب الله عنهم ذلك رحمة بهم ليأكلوا فأكلوا إلا بنيامين فلم يأكل ، واشتغل بالبكاء ودموعه كالجمان على خده كاللؤلؤ والمرجان وكان شبيها بيوسف فى الحسن والجمال ، وبه يتسلى يعقوب ، فقال له يوسف لم لا تأكل ؟ قال أشتهى أن أدخل ذلك البيت الذى كنا فيه ، قال لمه ؟ قال لأنى وجدت فيه صورة أخى ، وأريد أن أجلس بحذائها وأبكى عليها ، فأذن له ، فرجع يبكى حولها ، فاحترق قلب يوسف ، فدخل بيت الخلوة وسأل الله أن يتعرف لأخيه فأذن الله له ، فمرّ ابنه أفراثيم حذاء عمه وجعل يبكى معه ، فكان بنيامين تارة ينظر إلى الصورة وتارة ينظر إلى أفراثيم فلم يميز بينهما ، فتعجب من ذلك فقال ممن أخذت صورتك يا بنى ؟ فقال من هذا الذى فى الحائط ، فقال ممن أنت ؟ قال أنا ابن يوسف الصدِّيق ، قال أهنا إنسان اسمه يوسف الصديق ؟ قال نعم ، فسماه الله صدِّيقا فبكى بنيامين بكاء شديدا ، وبكى أفراثيم لبكائه . ويوسف وزليخا ينظران إليهما ويبيكيان . قال أفراثيم يا عم مم بكاؤك ؟ قال يا بنى كان لى أخ اسمه يوسف ، وقص عليه القصة ، فقال له لا تبكى يا عمى ، فأنا ابن أخيك يوسف ، وهو الذى كان يقربك ، فوثب من مكانه فضمه إلى صدره ، وقال واحزناه وا طول شوقاه لفراقك يا قرة عينى ، وريحان قلبى ، وثمرة فؤادى يا يوسف ، وأين والدك ؟ دلنى عليه ، فلا صبر لى عنه ، فمضى أفراثيم نحو والده وأخبره بخبر عمه ، قال له سر إليه وأتنى به ، فرجع قال له قم يا عمى ، فقام معه ، ودخل به بيت الخلوة ، فقام إليه يوسف ، وكشف البرقع عن وجهه ، وضمه إلى صدره ، وقال يا قرة عينى يا بنيامين ، أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ، فزعق بنيامين فغشى عليه ، ثم أفاق فقال له يا حبيبى وقرة عينى وثمرة فؤادى ، كيف حال والدى ؟ قال كيف أصف لك حاله يا يوسف ، قد ذهبت والله عيناه من البكاء عليك ، فهو لا يشتهى إلا لقاءك ، فبكى وقال ليت أمى لم تلدنى . ثم سأل عن أخته زينة ؟ فقال له وحياتك العزيزة علىَّ ما لبست المسكينة منذ أربعين سنة إلا المسوح ، وهى تقعد كل يوم فى مفرق الطريق ، كلما لقيت غريبا سألته عنك ، ثم قال يا بنيامين هل تزوجت ؟ قال نعم ، قال له يا أخى كيف يتفرغ الحزين لذلك ؟ قال وعزتك على لو كانت نار الاشتياق تدوم لذابت ، ولكن إذا عظمت يداركها الحق سبحانه باللطف ، يسلى بالرجاء ، وينسى حتى يتم قضاه ، ثم يرجع الأمر إلى ما كان عليه . قال فهل لك أولاد ؟ قال ثلاثة ، قال ما أسماؤهم ؟ قال يوسف ، وذئب ، ودم ، قال ولم سميتهم بذلك ؟ قال إذا نظرت إلى يوسف ذكرتك ، وإذا نظرت إلى ذئب ذكرت ذلك الذئب الذى أكلك ومزق قميصك ، وإذا نظرت إلى دم ذكرت الدم الذى لطخوا به القميص ، فبكى وقال قم عند إخوتك يا بنيامين ، فقال كيف تبعدنى عندك بعد ما بكيت أربعين سنة ؟ قال يا أخى إنك لم تبق معى إلا أن أضع عليك اسم اللصوصية ، قال نعم . ثم قام بنيامين ، ودخل على إخوته فما عرفوه من النور الذى فى وجهه من فرحه بلقاء أخيه ، فقالوا له ، من أنت ؟ قال أنا أخوكم بنيامين ، قالوا من غيَّرك ؟ قال أتعرفون مغيرا غير الله تعالى ، وغبطوه وقالوا له هنيئا لك ، فما الذى قال لك الملك ؟ قال وعدنى بخير . قال فى عرائس القرآن قال كعب الأحبار لما تعرف يوسف إليه قال فإنى لا أفارقك ، قال يوسف قد علمت اغتمام والدى بسببى ، فإذا حبستك ازداد غما ، ولا يمكننى حبسك إلا بعد أن أشهرك بأمر عظيم ، فقال لا أبالى افعل ما بدا لك ، قال ، فإنى أدس صاعى هذا فى رحلك ، ثم نادى عليك بالسرقة ليعيننى ذلك على ردك بعد تسريحك ، قال فافعل . فأوفى لهم الكيل ، وجعل لبنيامين حمل بعير باسمه ، وقيل زاد لكل واحد حمل بعير ، وأمر بالسقاية أن تجعل فى رحل أصغرهم وهو بنيامين وهو لا يشعر ، وذلك قوله تعالى . { فلمَّا جهَّزهم بجِهازهم … }