Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 4-4)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وفى الأرْض قِطعٌ } من الأرض ، وهذه الظرفية عام لخاص ، كقولك فى الأيام أيام قصار ، ولك أن تجعل فى بمعنى من { مُتجاوراتٌ } متلاصقات ، ومع تجاورها واتحاد جنسها ووضعها ، قد اختلفت طبائعها وألوانها ، فمنها طيبة تنبت ، وسبخة لا تنبت ، وصلبة ، ورخوة ، وبيضاء ، وحمراء ، وسوداء ، وصفراء ، وصالحة للزرع دون الشجر ، وصالحة للشجر دون الزرع ، وصالحة لنوع من الزرع دون الآخر ، أو لنوع من الشجر دون الآخر ، وصالحة للكل ، ولولا تخصيص قادر لاشتركت القطع فى اللون والطبيعة ، فيكون تأثير الماء والهواء والحرارة والبرودة فيهن على حد سواء ، وذلك قول مجاهد . وقال قتادة القطع المتجاورة القرى ، والأول أصح وأوضح عبرة ، وهو قول ابن عباس ، وفى بعض المصاحف وفى الأرض قطعا متجاورات بالنصب ، أى وجعل فى الأرض إلى آخره . { وجنَّاتٌ } أى بساتين سميت لأنها تجن الأرض أى تسترها بأشجارها { مِنْ أعْنابٍ } جمع عنب بمعنى شجرة العنب ، فالعنب يطلق على نفس هذه الشجرة ، وعلى ثمرها { وزَرعٌ } أفرد لأنه فى الأصل مصدر ، فبقى بعد خروجه عن معنى المصدرية على صلاحيته القليل والكثير { ونَخيلٌ } جمع نخلة كعبد وعبيد ، وقيل فيما وازنهما أنه اسم جمع ، وقال ابن مالك ما ذكر من ذلك فهو جمع تكسير ، وما أنث فاسم جمع ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وحفص برفع زرع ونخيل عطفا على جنات ، وما بعد هذا تابع له على القراءتين فى إعرابه . { صِنْوانٌ } قال البراء ابن عازب الصنوان المجتمع ، يعنى أن يجمعهن أصل واحد ، والمنفرد صنو { وغيرُ صِنوانٍ } أى مفترقات الأصول ، وقرأ حفص بضم الصادين وهو لغة تميم ، وقيس ، والكسر لغة الحجازيين ، وخص على الصنوان لأنها بمثابة القطع فى التجاوز ، تظهر فيها غرابة اختلاف الأكل ، بل هى أغرب من القطع لاتحاد الأصل وقد يصلق الصنو على المقارنين مطلقا ، قال صلى الله عليه وسلم " العم صنو الأب " وقال فى عمه العباس رضى الله عنه " إنه صنو أبى " . { يُسْقَى } أى الجنات وما فيها وقرأ ابن عامر ، وعاصم ، ويعقوب بالمثناة التحتية أى يسقى ما ذكر { بماءٍ واحدٍ } ماء السماء ، وكل ماء فى الأرض فمن السماء ، وكله عذب وملوحة ، بعضه لملوحة مجراه ، وعن ابن مسعود كل النخيل ينبت فى مستنقع الماء إلا العجوة فمن الجنة ، والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نامٍ ، وقيل جوهر سيَّال به قوام الأرواح والألوان له ، ويتلون بلون الإناء أو لونه بياض أو سواد أقوال . { ونُفضِّل بعضَها على بعضٍ فى الأكلِ } بضم الهمزة وهو المأكول وهو الثمار فبعضها كبير من بعض ، وبعضها أحلى من بعض ، وبعضها أشد رائحة ، وبعضها قوى ، فاختلافها مع اتحاد الأصول والأسباب من ماء وغيره دليل على أن لها مخصصا قادرا مريدا أخرج الترمذى ، وحسنه الحاكم وصححه عن أبى هريرة ، عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله { ونفصل بعضها على بعض فى الأكل } قال الدقل ، والفارسى الحلو والحامض ، قال الترمذى هو غريب ، وتضمنت الآية مثالا للمؤمن والكافر ، أصلهما واحد وهو آدم ، أو الطيبة صاروا أفرادا كالقطع والوحى واحد ، آمن بعض وكفر بعض ، ورق قلب وقسا قلب . قال الحسن والله ما جالس أحد القرآن إلا قام بزيادة ونقص ، قال الله تعالى { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } وقرأ حمزة والكسائى يفضل بالتحتية ليطابق يدبر ، وقرئ فى الأكل بضم الهمزة والكاف . { إنَّ فى ذلكَ } المذكور { لآياتٍ لقومٍ يعْقلونَ } يعلمون بعقولهم إذا استعملوها أن صانع ذلك قادر على إحياء الموتى .