Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 6-6)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويسْتعجلونكَ بالسِّيئةِ } أى بالفعلة السيئة المضرة { قَبْلَ الحسَنة } أى قبل الفعلة الحسنة النافعة ، أى يكتفون بالسيئة عن الحسنة فى الطلب ، وذلك أنه استجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هددهم به من عذاب الدنيا والآخرة عموما وخصوصا ، كقولهم { ربنا عجل لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب } وقولهم { اللهم إن كان هذا هو الحق عندك فأمطرعلينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } وقولهم { فأسقط علينا كسفا من السماء } { وقَدْ خَلت } مضت { من قبلهم } فى الأمم السالفة المكذبة { المثلاثُ } جمع مثله بفتح فضم ، وهى العقوبة ، سميت بذلك لأنها مثل السيئة المعاقب عليها ، ومنه سمى القصاص مثلا ، وأمثلة الرجل من صاحبه إذا قصصته منه ، قال الله تعالى { وجزاء سيئة سيئة مثلها } وقرأ مجاهد بفتح الميم والتاء جمع مثلة بفتحها أيضا ، وقرئ بضمهما اتباعا للفاء العين ، وقرئ بضم الميم وإسكان التاء تخفيفا من ضمهما بعد الاتباع او بالنقل شذوذا وقرئ بضم الميم وفتح التاء جمع مثل بضم ففتح ، الذى هو جمع مثلة بضم فإسكان ، أو جمع مثلة بضم فإسكان علىغير قياس ، وقرئ بفتح الميم وإسكان التاء تخفيفا عن الضم فى القراءة المشهورة ، والمعنى لم كانوا مستعجلين العذاب ولم يخافوا أن ينزل عليهم مع أنه قد نزل على المكذبين قبلهم . { وإنَّ ربك لذو مغْفرةٍ للناس } مسامحة { على ظُلمهم } أى مع ظلمهم لأنفسهم وغيرها ، أو لأنفسهم بعد التوبة كما تدل عليه الآية الأخرى ، ولا يقال إن التائب لا يصدق عليه أنه على ظلم ، لأنا نقول معنى كونه على ظلم أنه صادر منه ، ولأنه ولو تاب لكن ليست توبته بمخرجة له عن عقاب الظلم ووباله ، حتى تقبل وقبولها هو الغفران ، فالغفران وارد على ما لم يخرج عنه ، لأن مجرد توبته ليست خروجا عنه ما لم تقبل ، فلا دليل فى الآية على جواز مغفرة الكبيرة بلا توبة . ومن باب ما ذكرته قول ابن عباس إن المعنى إن ربك لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا ، ولا دليل أيضا فى الآية على ذلك الاحتمال ، أن يكون المراد بالمغفرة الإمهال والستر كقوله { ولو يعجل الله للناس الشر } الآية ، وقوله { لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب } وقوله { ما ترك على ظهرها من دابة } والاحتمال أن يكون المراد مغفرة الصغار فإنها تغفر ولو بلا توبة من فاعلها المجتنب للكبائر والاصرار . وإن قلت كيف تسمى الصغيرة ظلما ؟ قلت ليست شيئا من الذنوب غير ظلم للنفس صغيرا أو كبيرا فى الحقيقة ، ولا غير ظلم لحق الله ، أى قدح فيه ، ونقص منه ، وتهاون به ، وإنما يفرق بين الذنب الصغير والكبير فى كتب الفقه لابتناء أحكام على أحدهما لا تبتنى على الآخر . وزعم الضحاك أن الظلم الشرك ، وأن ذلك منسوخ بقوله عز وجلّ { إن الله لا يغفر أن يشرك به } وعلى ظلمهم متعلق بمحذوف حال من الناس ، وعامله مغفرة لأن الناس مفعول لمغفرة توصل إليه بلام الجر ، وعلى بمعنى مع كما علمت ، وذكره ابن هشام ، ويجوز كونها بمعنى اللام الداخلة على الناس ، أو كون اللام للاستعلاء مع على ، فيكون على ظلمهم بدل اشتمال من قوله للناس . { وإنَّ ربَّك لشديدُ العقابِ } لمن لم يتب عن ظلمه من مشرك ومنافق ، وقد شاء بحكمته أن لا يغفر لغير التائب ولو كان موحدا ، وأن يشدد عقابه ، قال سعيد بن المسيب لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لولا عفو الله ومغفرته لما هنأ أحدا عيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد " ورووا عن ابن عباس ليس فى القرآن أرجى من هذه الآية .