Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 11-11)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا قِيلَ } أى قال المؤمنون أو الله والنبى والمؤمنون ، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واختار الفخر التخريج على أحدهما أو الله عز وجل ، أو النبى والمؤمنون ، أو الله والنبى والمؤمنون ، بإخلاص كسرة القاف من قبل ، وكذا حيث وقع وكذا غيض وجىء ، وقال الكسائى وهشام ذلك كله بإشمام الضم لأوله . { لَهُمْ } أى المنافقين المذكورين وقد علمت أن بعضاً يقول أن الكلام على اليهود . { لاَ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ } لا تفعلوا ما يؤدى إلى الفساد ، فذلك تعبير بالنهى عن المسبب ، بدلا للتعبير بالنهى عن السبب ، أو تعبير بالنهى عن المسبب بدل التعبير بالنهى عن السبب ، أو تعبير بالنهى عن اللازم بدل التعبير بالنهى عن اللزوم ، فذلك مجاز مرسل تبعى ، فالفساد مسبب ولازم ، وفعل ما يؤدى إليه وما سبب ولزوم وهكذا يظهر لى معنى الآية ، وإن شئت فقل سمى فعل ما يؤدى غلى الفساد فساداً من باب تسمية الشىء باسم ما يؤول إليه ، واشتق منه تفسد بمعنى تفعل ما يؤدى إلى الفساد ، وهو مجاز مرسل تبعى ونهى عنه ، والداعى إلى هذه الأنواع المجازية أن الإفساد فى اللازم هو قتل الأنفس والإضرار بها ، وقتل الدواب والإضرار بها ، وقتل الشجر والنخل والزرع والإضرار بها ، وغصب الأموال وليسوا يفعلون ذلك حال النهى ، بل يفعلون ما يترتب عليه ذلك من تهيج الحرب والفتنة بالكذب والنميمة ، وإفشاء السر وغير ذلك مما يقع منهم إلى الكفار فى شأن المؤمنين ، وترجيح الكفار ، ومساعدتهم على المؤمنين ، وإظهار المعاصى والإهانة بالدين المؤفقين فى فساد الخلق ، فإن الإخلال بالشريعة يؤدى إلى التعدى إلى حق الغير ، ثم ظهر فى فكرى وجه آخر ، وهو أن يكون مقولا تفسدوا فى الأرض لا تخالفوا الشريعة فيها ، على أن يكون مخالفة الشريعة هو نفس الإفساد فى عرض الشرع ، ولو مع قطع النظر عما يؤدى إليه من الفساد المذكور فتكون الآية حقيقة عرفية خاصة مجازاً فى أصل اللغة ، والفساد خروج الشىء عن الاعتدال والانتفاع به ، فالإفساد إخراجه عن الاعتدال والانتفاع به . { قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } رد على من نسب إليهم الإفساد ، ونهاهم بأن أنكروا أن يكونوا مفسدين ، وأثبتوا الإصلاح لأنفسهم بوجه بليغ ، إذا عبروا بإنما المفيدة للحصر ، وهو هنا حصر أنفسهم على الإصلاح وبنوا الكلام على نحن ، فكانت الجملة اسمية ، ولم يقولون إنما نصلح إصلاحاً بإسقاط نحن ، وتكلموا بالاستئناف لا بالعطف ، والاستئناف يفيد التأكيد لكونه جواب سؤال ، وطلب تحقيقاً أو تقديراً ، والمعنى لا يصح نهياً عن الإفساد لأنه ينهى عنه من هو مفسد ، ونحن لسنا بمفسدين ، ما حالنا إلا إصلاح لا يخالطه شىء من إفساد وذلك أنه زين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسناً فليسو بمقلعين عنه ، والصلاح كون الشىء معتدلا منتفعاً به ، والإصلاح تكوينه كذلك بعد أن لم يكن كذلك أو بعد أن كان فاسداً ضاراً ، والإصلاح يعم كل نافع ، والإفساد يعم كل ضار ، وقالوا جواب إذ لا محل له لأنه جواب شرط غير جازم ، وجملة الشرط والجزاء ، وأداة الشرط معطوفة على يكذبون ، فهى فى محل نصب لعطفها على خبر كان ، كأنه قيل بكونهم يكذبون ، وكونهم إذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض ، قالوا إنما نحن مصلحون أو معطوفة على يقول ، سواء ، فلا محل لها لأنها معطوفة على الصلة ، كأنه قيل ومن الناس من إذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض . إلخ ، ومن قال الظروف وسائر الفضلات زوائد عن الجملة لا بعضها قال مرعاة المحل وعدمه إنما هو لمتعلقها ، وهو هنا جواب إذا ، وكذا العطف وسائر الأحكام ، وما اشتهر من أن جواب الشرط غير الجازم لا محل له على الإطلاق ، بناء على أن الظرف وسائر الفضلات أبعاض الجملة لا زوائد عنها ، ووجه العطف على يقول أن يكون على طريق تعديد قبائحهم ، ويفيد اتصافهم بما ذكر قصدوا استقلالا ويدل على أن العذاب لاحق بهم من أجل كذبهم الذى هو أدنى حالهم فى الكفر والنفاق ، فكيف بسائر الأحوال ، ووجه العطف على يكذبون أنه أقرب ، وأنه يفيد سببيته قولهم إنما نحن مصلحون للعذاب ، ويفيد أن ما يوجب الفساد يجب الاحتراز عنه لقبحه ، كما يجب الاحتراز عن الكذب وفى العطف على يكذبون السلامة من الفصل من الموصول ، والصلة بالبيان أو بالاستئناف ، فإنك إذا عطفت { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِى الإرْضِ قَالُوا … إلخ } أو { قَالُوا … الخ } على صلة من كان صلة لها أيضاً بواسطة العطف ، فيؤخذ الفصل بين الموصول وما هو صلة له ، وإن قلت أين الرابط بين المعطوف على خبر كان وبين اسمها إذا عطفنا على خبرها ، وبين الصلة والموصول إذا عطفنا على الصلة ؟ قلت هو فى قولهم وفى قالوا متعدد ، فإن الآية متصلة بما قبلها ومرجع ضمائرها وضمائر ما قبلها واحد ، وأما ما روى عن سلمان الفارسى أن أهل هذه الآية لم يأتوا بعد ، فلعل المراد أن أهلها لم يأتوا كلهم ، بل أتى بعضهم فقط ، ويأتى الباقى ممن صفته صفة هؤلاء مشركاً كان أو موحداً ، فاسقاً وكم فاسق موحد تنهاه عن اعتقاد أو عمل فاسد ، فيقول إنه صلاح وإنى مصلح ، ويجوز بأن يراد بالإفساد الذى نهوا عنه فى الآية موالاة الكفار خصوصاً فيريدوا بقولهم إنما نحن مصلحون أن نواصلهم ، لأنهم قرابة وأنا نصلح بينهم وبين المؤمنين ، وما تقدم أولى من التعميم وأولى فى تفسير الآية فيشتمل منع الناس عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالقرآن وغير ذلك .