Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 12-12)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلآ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ } هذا رد لقولهم { إِنمَّا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } الذى ردوا به على من قال لهم { لا تفسدوا فى الأرض } بوجه أبلغ من الوجه الذى ردوا به ، لأنه مصدر بألا التى يفتتح بها الكلام ، وهى تفيد السببية ، والتنبيه نوع من الاهتمام ومن التوكيد ، وتفيد التوكيد مضمون الجملة كما قال ابن هشام ، وذلك مستفاد منها بالذات فيها ، قيل وقال القاضى والزمخشرى تفيد تحقيق ما بعدها من حيث تركبها من همزة الاستفهام ولا النافية ، وهمزة الاستفهام الإنكارى إذا دخلت على النفى أفادت التحقق كقوله عز وعلا { أليس ذلك بقادر على } ولأنه قررت النسبة فيه بأن والجملة الاسمية ، وتوسيط ضمير الفصل وصيغة الحصر التى هى تعريف المسند والمسند إليه ، ولأنه أتى به على طريق الاستئناف على على طريق العطف ، والعدول عن العطف إلى الاستئناف يقصد به تمكن الحكم فى ذهن السامع فضل تمكن لحصوله بعد السؤال والطلب تحقيقاً أو حكماً ، ولأنه أكده بلكن المذكورة بعد ، فإنها تفيد التأكيد بالذات أو بتركبها من أن ، وتفيد الاستدراك ، وفى الاستدراك نوع من التأكيد بيانه تدل على أن كونهم مفسدين مما ظهر ظهور المحسوس ، لكن لا إحساس لهم فيدركوه ، والحصر فى قولهم { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } ، وفى قوله عز وجل { أَلا إِنَّهم هُمْ المُفْسِدُونَ } قصر موصوف على صفة قصر قلب ، وقد يكون تعريف المسند والمسند إليه لقصر الصفة على الموصوف ، وهو محتمل هنا فالمعنى على قصر الموصوف عليها أنهم لا يجاوزون الإفساد إلى غيره ، وعلى قصر الصفة عليه أن الإفساد لم يتجاوزهم ، فتخلق أفعالهم التى فيها عنه ، بل لم تخل عنه قط ، ومفيد الحصر هو تعريف المسند إليه ، وأما ضمير الفصل فإنما هو حينئذ لتأكيد الحصر . { وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ } أنهم هم المفسدون لاعتقادهم أن ذلك منهم إصلاح ، هذا ما قلته ، وقال بعض المفسرين ، لا يشعرون أن الله يفضحهم ، وقال بعض لا يشعرون ما أعد الله لهم من العذاب ، وبه قال الشيخ هود ، وعلى هذا يكون استدراكاً لقوله { ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } وعلى القول الذى قيل هذا يكون استدراكاً لقوله { قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } على أنهم قالوا إنما نحن مصلحون إسراراً لما أبطنوه وخداعاً ، وقد علموا أنهم مفسدون لما قالوه خداعاً وإسراراً ظانين أنهم لا يفتضحون ، استدراك الله عليهم لأنهم يفتضحون ، هذا ما ظهر لى فى توجيه القولين ، وما ذكرته أولى لقرب المستدرك عليه ، وهو { ألاَ إِنَّهُمْ هُمْ المُفْسِدُونَ } وسلامته من فصل وتكلف .