Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 131-131)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إذْ قالَ لَه ربُّه } إذ ظرف متعلق باصطفيناه لكن على معنى قولك أظهر لنا أو للملائكة أو للكل اصطفاه ، وإنما قلت هذا لأن كونه رسولا خليلا صفيا أزليا ، ويجوز أن تكون حرف تعليل معللة للاصطفاء بناءً على جواز كونها للتعليل ، والمانع يقول إنها ظرف والتعليل مستفاد من المقام والسياق ، وهذا معنى قول القاضى ظرف لاصطفيناه ، وتعليل له فلا حاجة إلى ما قيل من أن الواو فى قوله وتعليل له بمعنى أو . قال ابن هشام وهل إذ التعليلية حرف بمنزلة لام العلة ؟ وهذا لا يقول به الجمهور ، أو ظرف ، والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ ، وهذا قول الجمهور ، ويجوز أن تكون مفعولا لا ذكر محذوفاً أو ظرفا لمعموله ، أى اذكر إذ قال له ربه ، أو اذكر الواقع إذ قال له ربهُ ، لتعلم سبب اصطفائهِ ، والحكم بصلاحه وإمامته ، وهو المبادرة للإسلام المذكور فى قوله تعالى { أسلم } كما حكى الله مبادرته بقوله { قال أسلمت لرب العالمين } ، ومَن كان بهذه الصفة لا يرغب عن ملته عاقل ، فهذا من تتمة قولهِ عز وجل { ومن يرغَب عَنْ مِلَّة إبراهيم } ولذا لم يعطف بالواو ، ويجوز تعليقه ، يقال من قوله { أسْلَمت } لكن هذا وجه مرجوح ، إذ لو كان كذلك لكان بالواو ، لأنهُ حينئذ من طريق قوله تعالى { وإذا ابتَلَى إبراهيم رَبُّه } واختلفوا فى الوقت الذى قال له ربهُ فيهِ أسلم ، فقيل هو وقت طفولته ، واستدلاله بالكواكب والشمس والقمر ، واطلاعه على أمارات الحدوث حين خرج من الغار أو بعده ، وهذا قول الجمهور وابن عباس ، وقيل بعد النبوة ، وعلى كلا القولين ليس مشركا قبل ذلك ، فإن كان كل مولود يولد على الفطرة ، فكيف برسول خليل ؟ قال الحسن ذلك حين أفلت الشمس فقال { يا قوم إنى برئ مما تشركون } وإذ علقنا إذ باصطفيناه أو جعلناها تعليلا له فقوله ربه على طريق الالتفات من التكلم للغيبة . { أسْلِم } أدم على الإسلام أو استزد من جزئيات الإسلام ، فإن الإسلام ولو قلنا إنه كلى لكن له أمداد يمد بها كما وصفهُ الله تعالى بالزيادة ، ويجوز أن يكون المعنى اعمل الأعمال الصالحات بالجوارح ، فإن السابق فى قلبه الإيمان ثم يكلفه الله بتكاليف تعمل بالجوارح ، فأمره الله بالعمل بها ، ولو قيل إن النطق بالإيمان عمل جارحة داخل فى ذلك لكان صحيحاً ، ويجوز أن يكون الإسلام بمعنى الإيمان وهو مؤمن قبل ذلك ، لكن على أن معنى قوله { قال له ربه أسلم } أحضر له ربه فى قلبه دلائل الإيمان ، أو بمعنى الأعمال بالجوارح كذلك سواء ، لكن على أن معنى قوله ربه أسلم أحضر لهُ ربهُ فى قلبه دلائل وجواب الأعمال بالجارحة ، وأسلم على ذلك كله لازم غير متعد ، ويجوز أن يكون متعدياً فحذف المفعول ، أى أسلم دينك أو عبادتك لله ، أى صيرها سالمة من المفسدات ، أو أسلم نفسك أى أخلصها لله ، وفوض أمرك إليه ، وقد قال له جبريل حين دُفع إلى نار النمرود ألك حاجة ؟ فقال أما إليك فلا ، ولكن إلى الله . { قالَ أسْلَمتُ لربِّ العَالَمين } أى قبلت الأمر بالدوام على الإسلام ، وخضعت له أو قبلت الأمر بالأعمال الجوارح ، وأذ عنت به أو قبلت ما خطرت لى فى قلبى ، وأذعنت فيه لك أو أخلصت دينى أو عبادتى أو نفسى لك .