Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 136-136)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُولُوا } أيها المؤمنون لليهود والنصارى إذ قالوا ذلك . { آمنَّا بالله } صدقنا به . { وما أُنزلَ إلينَا } من القرآن وسائر الوحى على محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وقدم ما أنزل إلينا ، لأن سيدنا محمدا أفضل الرسل ، والقرآن أفضل الكتب ، لأنهما أنسب بالمؤمنين المأمورين بالقول ، ولأنهما سبب الإيمان بغيرهما من الرسل والأنبياء والكتب ، ويدل على أن الخطاب للمؤمنين قوله تعالى { فإنْ آمنُوا بمثل ما آمنتم به } { وما أنزِلَ إلى إبراهيم } من الصحف العشرة وسائر الوحى . { وإسْماعِيل وإسحاق ويَعْقُوب } من الوحى صحف إبراهيم العشرة ، لأنها وإن نزلت على إبراهيم لكن تعبدوا باتباعها ، فهى منزلة إليهم ، كما قال فى القرآن إنه أنزل إلينا ، وهو منزل على رسول الله ، صلى الله عليهِ وسلم ، لكن لما أوجب الله العمل به ، وندبنا إلى العمل لمندوباته قال إنه أنزل إلينا . { والأسْباط } وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر ، وكانوا أنبياء ، وقيل النبى يوسف منهم فقط ، والذى أنزل إليهم ، هو صحف إبراهيم لتعبدهم بها وسائر ما يوحى إليهم إن كانوا أنبياء ، وما يوحى إلى يعقوب ويوسف ، لأنهم متعبدون به ، وقيل السبط ولد الولد ويسمى الحفيد والحافد ، وهى أعنى السبط مفرده الأسباط ، ويقال للحسن والحسين سبطا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لأنهما ولدا بنته فاطمة ، وقيل الأسباط فى بنى إسرائيل كالقبائل فى العرب من بنى إسماعيل ، وكان فى الأسباط أنبياء ، ويجوز أن يراد بالأسباط إبراهيم وإسحاق ، وهم أولادهما وأولاد أولادهما ، وإذا حكمنا بدخول داود فى الأسباط فقد علمت أنه له كتابا هو الزبور . { ومَا أوتىَ مُوسَى } من التوراة والوحى ، وما أنزل إليه قبل التوراة وعيسى من الإنجيل والوحى ، وإنما أعاد الموصول والصلة مع موسى وعيسى فقال وما أوتى ولم يقل والأسباط وموسى وعيسى ، للتأكيد لأن أمرهما أبلغ ومغاير لما سبق ، والنزاع فيهما ، وذلك أن الكتب المنزلة على إبراهيم هى التى حكم بأن نزولها عليه نزول على من بعده ، حتى كان موسى وعيسى ، ونزل على كل منهما كتاب ، وأن موسى نازعت فيه النصارى فكذبوه وكذبوا التوراة ، وعيسى نازعت فيه اليهود فكذبوه وكذبوا الإنجيل ، كما فصل ما أنزل إلى إبراهيم بموصول وملة لما كان ما أنزل إلينا كتاب آخر مصدق لهُ ، وكان اليهود والنصارى أهانهم الله منازعين فيه ، نفعنا الله به ، وكذا فصل عنهما ما بعدهما فى الذكر لذلك فقال { وما أوتِى النَّبيُّونَ مِنْ ربِّهم } من الكتب والوحى والآيات ، كداود إذا لم ندخله فى الأسباط ، وآدم وشيث وغيرهما ممن لم يذكره فى الآيات ، ويجوز أن يراد النبيون المذكورين ، فيراد بما أوتى موسى وعيسى { وما أنزل إلى إبراهيم … } إلخ وما أنزل إلينا الكتب ، وبما أوتى النبيون الوحى والآيات ، أعنى المعجزات أو يراد بما تقدم الكتب والوحى ، وبما أوتى النبيون المعجزات ، وعائد ما فى قوله { ما أوتى } فى الموضعين محذوف ، أى وما أوتيه وهو أحد مفعولى آتى بالمد ، والآخر موسى وعيسى والنبيون على أنه نائب الفاعل . { لا نفرِّق بين أحدٍ منْهُم } فى الإيمان ، بل نؤمن بهم كلهم كما تفرقون يا معشر اليهود والنصارى بينهم ، فتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض ، وعديل أحد محذوف ، أى بين أحد وأحد ، أو بين أحد وآخر ، ولك أن تقول أحد عام لوقوعه فى سياق النفى ، فكان شاملا للعديلين بعد بين والمعنى بين متعدد منهم ، أو بين اثنين منهم ، كما اكتفى بالدخول لما اشتمل على مواضع فى قوله بين الدخول فحومل ، أى مواضع الدخول ، وعموم أحد فيما يتبادر إلى الأذهان لوقوعه نكرة فى سياق النفى ، ويحتمله قول الكشاف إن أحدا فى معنى الجماعة ، وقال السعد إنه اسم لما يصلح أن يخاطب ويستوى فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث ، وليس كونه فى معنى الجماعة ، لكونه بعد النفى على ما سبق إلى كثير من الأوهام ، ألا ترى أنه لا يستقيم لا نفرق بين رسول من الرسل إلا بتقدير عطف ، أى بين رسول ورسول ، ولستن كأحد من النساء ليس فى معنى كامرأة منهن ، وهذا لازم للنفى ليس كالأحد الواقع فى أول العدد ، مثل قوله تعالى { قلْ هُو الله أحدٌ } ويختص بالنفى . انتهى . وأقول لا مانع من كون عمومه لأجل النفى ، ولا مانع من كون المعنى كامرأة منهن لجواز تشبيه جماعة بواحد ، ولإمكان تشبيه كل واحدة منهن على حدة بالمرأة ، وامتناع لا نفرق بين رسل إلا بتقدير عطف ، إنما هو لعدم وروده فى كلام العرب ، وقد ورد مثله نحو ما جاء رجل فأكرمتهم ، بعود الهاء إلى رجل لوقوعه فى سياق السلب ، فعم وورد هذا فى أحد كثيراً نحو { فما منكم من أحد عنه حاجزين } { ونحْنُ له } أى لله جل وعلا . { مسلمون } أى مخلصون مذعنون ، سئل بعض السلف فقيل له إن قوماً يجالسوننا فيقولون لنا أمؤمنون أنتم ؟ . فقال إذا قالوا لكم ذلك فقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم … الآية ، وهم قوم من أهل الكتاب ، وروى البخارى عن أبى هريرة قال " كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولا آمنا بالله وما أنزل إلينا … الآية "